جدة – البلاد
بيئة العمل ومحورها الإنسان، أهم ركائز تحسين الأعمال بكافة قطاعاتها باعتبارها شرايين الاقتصاد، وفي القلب منها القطاع الخاص على امتداد وتنوع خارطته الإنتاجية والخدمية، وما يوفره ذلك من فرص عمل طموحة لأبناء وبنات الوطن، وتعزيز فرصهم التنافسية، ضمن مؤشرات التقدم لحاضر ومستقبل الاقتصاد الوطني.
قبل تناول مبادرة (تحسين بيئة العمل) التي بدأ تطبيقها قبل أيام، نعود بالذاكرة لسنوات قليلة وتحديدا عام 2018م، ونستحضر ماتحقق على أرض الواقع من خطوات عملية محفزة لقطاع الأعمال، تمثلت في حزمة واسعة ومتكاملة من المبادرات والإصلاحات النوعية لتحسين (بيئة الأعمال)، أثمرتها اللجنة التنفيذية “تيسير” برئاسة الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة، بمشاركة أنحو 40 جهة حكومية والقطاع الخاص تحت مظلة واحدة.
بالأرقام بلغ عدد المبادرات 300 مبادرة لتمكين وتنمية القطاع الخاص، ومن أهم ماتضمنته: تقليص مدة بدء النشاط التجاري إلى يوم واحد وفي خطوة واحدة، بعد أن كانت تستغرق 17 يوما و10 خطوات .. وكذلك مبادرات وزارات الاستثمار، والصناعة والتعدين، والسياحة، والموارد البشرية، والبلدية ، وغيرها من وزارات وأجهزة حكومية، في إطار الهدف الوطني العام بتحقيق منظومة الحكومة الاليكترونية وتكريس الشفافية ورفع كفاءة الأداء الاقتصادي والتنمية الشاملة المستدامة.
ونصل إلى الخطوة الراهنة وهي مبادرة (تحسين بيئة العمل)، التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وباشرت تنفيذها الأحد الماضي، كإحدى مبادرات برنامج التحول الوطني، وتقدم في نصوصها الموجبة: خدمة التنقل الوظيفي للعامل الوافد عند انتهاء عقد عمله دون الحاجة لموافقة صاحب العمل ، كما تحدد المبادرة آليات الانتقال خلال سريان العقد شريطة الالتزام بفترة الإشعار والضوابط المحددة. وتقدم أيضا خدمة الخروج والعودة، والتي تسمح للعامل الوافد بالسفر خارج المملكة، وذلك عند تقديم الطلب، مع إشعار صاحب العمل إلكترونيًّا، فيما تُمكن خدمة الخروج النهائي العامل الوافد من المغادرة بعد انتهاء العقد مباشرة مع إشعار صاحب العمل إلكترونيًّا دون اشتراط موافقته.
هذه المبادرة تستهدف منها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، دعم رؤيتها في بناء سوق جاذبة وتمكين وتنمية الكفاءات البشرية، وما سيتبع ذلك من تحديثات لهذه المبادرة حسب الحاجة في الفترة المقبلة.
أما النتائج الإيجابية المباشرة وغير المباشرة لهذه الخطوة يمكن إيجازها في حزمة عناصر مهمة:
– تحسين حقوق العاملين وصاحب العمل على حد سواء، وخفض القضايا العمالية.
– ورفع الاستثمارات.
– تعزيز جذب الاستثمارات والجذب للشركات العالمية بمختلف أنشطتها.
– هيكلة سوق العمل وفق الممارسات العالمية وربطها بالأداء الرقمي.
– زيادة تنافسية الكفاءات السعودية، وفرص أكبر لتوطين الوظائف والتقنية واكتساب الخبرات.
وبهذا الاستحقاق ومكتسباته النوعية، بدأ سوق العمل في المملكة مرحلة جديدة من المرونة والشفافية وضمانات الحقوق لأطراف التعاقد، مما يسهم كثيرا في إحداث توازن العرض مع الطلب في الكفاءات بالقطاع الخاص، وأيضا العنصر المهم المتمثل في تصحيح السوق ضمن الاستراتيجية الشاملة للقضاء على التستر، وإنقاذ عشرات المليارات من الريالات لتستقر في حاضنة وقنوات الاقتصاد الوطني، بعد أن ظل اقتصاد الظل (الخفي) ينهشها إلى الخاج لعقود طويلة.