نرمين عباس
لا يتوقف الصراع بين روسيا وأميركا عند حدود السياسة الدولية ومناطق النفوذ، إذ يعتبر الفضاء الإلكتروني مساحة أكثر رحابة للتراشق بين القوتين العظيميين
كان آخره اتهام روسي، السبت، للولايات المتحدة بشأن انتهاج ممارسات غير عادلة في استخدام الإنترنت.
وقالت روسيا إن الولايات المتحدة تقوم باستخدام فرص تكنولوجيا المعلومات للانخراط في منافسة غير عادلة
مشيرة إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي التي تفرض رقابة تعسفية وعشوائية على المحتوى، وفي قلبها موقع تويتر.
وصرحت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية المتحدثة
بأن منصات التواصل الاجتماعي ليست لها معايير موحدة لإدارة نفسها، معتبرة الأمر “مأزقا دلاليا وتكنولوجيا”.
وتابعت زاخاروفا: “هدف واشنطن واضح؛ وهو استخدام فرص تكنولوجيا المعلومات للمنافسة غير العادلة في جميع المجالات”.
مؤكدة أن المحتوى الرقمي يخضع للرقابة التعسفية والعشوائية من قبل بعض الوسطاء دون قرار من محكمة أو سلطة مختصة ذات صلة.”
“تويتر”
وقالت الحكومة الروسية، هذا الأسبوع إنها تُبطئ سرعة تويتر انتقاما لما وصفته بالفشل في إزالة المحتوى المحظور.
وهددت بعرقلة المنصة الأميركية على الفور، وهي خطوة أدت إلى تصعيد الخلاف بين موسكو وشركات التواصل الاجتماعي الأميركية.
ويصف موقع تويتر حاليًا بعض وسائل الإعلام الروسية بأنها “وسائل إعلام تابعة للدولة”، وهو الأمر الذي شجبته موسكو.
في غضون ذلك، أعربت شركة تويتر، الثلاثاء الماضي، عن شعورها بقلق عميق إزاء تزايد المحاولات لحظر وخنق المحادثات العامة عبر الإنترنت وأنها قلقة من تأثير الإجراء الروسي لإبطاء خدمتها على حرية التعبير.
قيود روسية
من جانبه يشير الدكتور محمد حجازي، استشاري تشريعات التحول الرقمي والابتكار والملكية الفكرية، الرئيس السابق للجنة التشريعات والقوانين بوزارة الاتصالات المصرية، إلى أن روسيا قد قامت خلال السنوات الأخيرة بسن مجموعة من التشريعات المتشددة فيما يتعلق بالإنترنت.
ويضيف حجازي في حديثه لموقع سكاي نيوز عربية أن من بين تلك القيود؛ إلزام الشركات التكنولوجية
بمشاركة مفاتيح تشفير خدماتها ومنصاتها، وكذا تخزين وحفظ بيانات المستخدمين على أجهزة خوادم داخل روسيا
بالإضافة إلى إلزام الشركات ومنصات التواصل الاجتماعي بحذف بعض نتائج البحث وإزالة بعض المحتوى الذي يتم تصنيفه على أنه غير قانوني.
معاقبة تويتر
يوضح حجازي كواليس الأزمة الأخيرة بين روسيا وموقع تويتر، فيقول: “في الأسبوع الماضي
قامت السلطات الروسية باتخاذ إجراء ضد توتير؛ بإبطاء سرعة الموقع داخل روسيا وهو ما تسبب في تباطؤ الخدمة بشكل كبير للمستخدمين”.
وفي هذا الصدد صرحت هيئة الرقابة الروسية، في بيان رسمي، بأن قرارها بتقييد خدمات تويتر
يهدف إلى “حماية المواطنين الروس” وإجبار الشركة على الامتثال للقانون الروسي، وقد أوضحت أنها منذ عام 2017
أرسلت لتويتر “أكثر من 28000 طلب أولي ومتكرر” لحذف روابط لاستغلال الأطفال في المواد الإباحية
ومعلومات عن تعاطي المخدرات ودعوات للقصر للانتحار، وأن الموقع تجاهل الكثير من تلك الطلبات”.
ويلفت الخبير المصري إلى أن هيئة الرقابة الروسية قد أشارت في بيانها إلى أن في حال تجاهل “تويتر” القانون الروسي، فقد يواجه المزيد من القيود
بما في ذلك الحظر الكامل في البلاد، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن ما قامت به السلطات الروسية
من عمليات فنية لإبطاء سرعة توتير، نتج عنه حجب بعض المواقع الحكومية الروسية بما فيها موقع الكرملين على الإنترنت.
ويختتم حجازي حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” بالكشف عن مفارقة فيما حدث، مؤخرًا؛ إذ اعتقد عديد من المواطنين الروس أن انقطاع الخدمة عن المواقع الحكومية، ربما كان نتيجة لهجوم إلكتروني أميركي
إلا أن السلطات الروسية أشارت إلى أن المشكلة داخلية، وأنه ما حدث كان نتيجة خطأ في الأجهزة الفنية ومزودات الخدمات الرقمية وقد تمت استعادة الخدمة للمواقع الحكومية.
سيطرة أميركية
وفي تصريحات سابقة لموقع “سكاي نيوز عربية” قال خالد البرماوي، المتخصص في الإعلام الرقمي، إن الذريعة الأساسية التي يتبناها الروس في قضية الإنترنت
هي تدخلات الولايات المتحدة وأن الإنترنت يُدار من خلالها، وهذا لا يتعارض مع الحقيقة بنسبة كبيرة.
وأضاف البرماوي: “رغم تدخل الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات وقمم تنظيم الإنترنت
إلا أن في النهاية الشبكة العالمية لا تزال تحت سيطرة أميركا، سواء على مستوى الإدارة ذاتها، أو من خلال التكنولوجيا المستخدمة”.
وتابع: “في رأيي أن المشكلة التي تواجه روسيا بسبب الإنترنت، هي مشكلة سياسية وأمنية بالأساس
خاصة أن منظومة السياسة في روسيا تخضع لاعتبارات أمنية بالأساس، وهناك هوامش من الحرية لكن وفقًا لاعتباراتهم الخاصة”.