إعداد – عبدالله صقر
في الثامن والعشرين من شهر مايو عام 1973، نشرت صحيفة” البلاد” في صدر صفحتها الأولى تقريرا بعنوان” توسع كبير في محطات تحلية المياه” وقد تحدث التقرير عن إنشاء وتوسيع محطات لتحلية المياه المالحة في كل من جدة، والخبر، والوجه، وضبا. بتكلفة مائتين وثلاثة وخمسين مليون ريال.
إضافة إلى مشاريع تحت التنفيذ، في كل من الخفجي، وأملج، والجبيل.
وقد عرفت المملكة تحلية المياه المالحة منذ نحو 114 عاما، وبالتحديد عام 1907م، عندما انتشلت آلة تعمل بالفحم الحجري لتقطير بخار الماء من إحدى السفن المحطمة، ونصبت على شاطئ جدة، وسميت فيما بعد بـ(الكنداسة)
وفي عام 1926م، أمر الملك عبدالعزيز باستيراد آلتين كبيرتين لتقطير مياه البحر؛ لتأمين احتياجات الحجاج والمعتمرين من المياه، بالإضافة إلى تزويد سكان مدينة جدة بالماء.
وتم إنشاء المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في المملكة، بأمر ملكي كريم في العام 1974م كمؤسسة حكومية مستقلة ذات شخصية اعتبارية.
وتهدف المؤسسة – حسب الأمر الملكي إلى تعضيد الموارد الطبيعية للمياه بطريق تحلية المياه المالحة، في مناطق ومدن المملكة التي تقصر الموارد الطبيعية عن سد حاجتها.
مشاركة القطاع الخاص ورفع الجودة
وشهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله – كثيرًا من الإنجازات التنموية والمبادرات التطويرية، خاصة في صناعة تحلية المياه المالحة، ومثَل تطوير قطاع المياه أولوية استراتيجية لدى القيادة الحكيمة، في إطار حرص الدولة على أهمية تحقيق الأمن المائي، وتوفير الخدمات الأساسية، بما يتناسب مع ما تشهده المملكة من زيادة سكانية، ونمو عمراني وما يمثله هذا القطاع الحيوي ضمن رؤية السعودية 2030م التي قدمت استراتيجية متكاملة لتطوير القطاع.
وتهدف الرؤية إلى رفع نسبة مشاركة القطاع الخاص في قطاع تحلية المياه، ولتحقيق أهداف تخصيصها، التي وافق عليها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، المتمثلة بالتركيز على احتياجات العملاء، وجذب استثمارات القطاع الخاص، وتخفيف العبء المالي على الحكومة وتطوير قطاع المياه بالعمل على أسس تجارية، وتحسين الكفاءة والاستدامة من خلال الاستفادة من قدرات القطاع الخاص في ضمان تحقيق الأمن المائي بتوظيف رؤوس أموال من مصادر متعددة، ورفع جودة الخدمة وتحسينها. واليوم تتربع المملكة على قمة إنتاج المياه المحلاة من مياه بالبحر على مستوى العالم، ودخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية، التي صادقت على تميز “التحلية”؛ بوصفها أكبر منشأة منتجة لمياه البحر المحلاة في العالم
وفي 20 فبراير 2019، تسلم وزير البيئة والمياه والزراعة رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، الشهادتين المقدمتين من موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية، التي تُصادق على تميز “التحلية” بوصفها أكبر منشأة منتجة للمياه المحلاة في العالم، بحجم إنتاج بلغ 5.6 مليون متر مكعب يومياً، ومحطة تحلية الجبيل كأكبر محطة إنتاج للمياه المحلاة في العالم بكمية إنتاج 1.401 مليون متر مكعب يوميا، وتمكنت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، من تحطيم رقمها القياسي العالمي السابق للعام 2018م، والبالغ 5 ملايين متر مكعب من المياه المحلاة يومياً، بتسجيل رقم قياسي جديد بلغ 5.6 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً.
كما زادت محطة تحلية الجبيل إنتاجها من 1.340 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً إلى 1.401 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً لتصبح أكبر محطة إنتاج مياه محلاة في العالم.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، قد قدم شكره وتقديره للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة؛ لتحقيقها هذا الإنجاز، حيث استطاعت المؤسسة في العام 2018 م من رفع الإنتاج من 3.5 مليون متر مكعب إلى 5 ملايين متر مكعب دون زيادة في التكاليف.
وفي العام 2018، صدر الأمر الملكي الكريم ببناء 9 محطات تحلية مياه مالحة بتقنيات حديثة على ساحل البحر الأحمر، بقيمة تتجاوز ملياري ريال، وبطاقة إجمالية تبلغ 240 ألف متر مكعب يومياً من المياه المحلاة.
ومن ثمرة هذا الإنجاز، ما تم ضخه من مياه خلال موسم الحج للعام 1439هـ؛ حيث وصلت إلى أرقام قياسية غير مسبوقة في الحصص المقررة لمدينة مكة المكرمة، والمشاعر المقدسة بلغت 4.500 مليون متر مكعب.
كما سجل إمداد الكميات الواردة من المؤسسة أكثر من 910 آلاف م3 في اليوم الواحد خلال أيام (التروية، عرفه، النحر) ، متجاوزا بذلك الكميات المقررة العادية لمدينة مكة المكرمة والبالغة 590 ألف م3 يوميا. وارتفعت الكميات المصدرة من المياه المحلاة إلى المدينة المنورة مقارنة بالأعوام السابقة، لتصل إلى 32 مليون م3 من المياه المحلاة.
كما صدرت في ذات العام الموافقة السامية على إنشاء محطتين لتحلية المياه المالحة في كل من الخبر والجبيل، بطاقة إنتاجية تقدر بنحو مليون متر مكعب يوميا من المياه المحلاة، بتكلفة إجمالية تقدر بـ 4 مليارات ريال”، ضمن مشروع تحسين جودة مياه الشرب بمدن ومحافظات المنطقة الشرقية.
وتوالت النجاحات بإنجاز المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، عبر مشروع (المرحلة الثالثة) من محطات تحلية ينبع والأنظمة التابعة لها بطريقة التبخير الوميضي، بطاقة إنتاج 550 ألف متر مكعب يومياً من المياه المحلاة، بتكلفة تجاوزت 21 مليار ريال. ليخدم هذا المشروع أكثر من 3 ملايين مستفيد يتوزعون في 2,500 من المدن والمحافظات والمراكز والقرى.
وفي 7 أكتوبر 2020، أنهت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة أعمال إنشاء وتشغيل 7 مشاريع إنتاج مياه محلاة ذات بعد تنموي واقتصادي كبير رغم الظروف الاستثنائية غير المواتية التي واجهتها بسبب جائحة كورونا وتداعياتها المؤثرة. ونجحت “التحلية” خلال 7 أشهر من العمل المتواصل في إنجاز هذه المشاريع وتشغيلها بطاقة إنتاج وإمداد تبلغ نحو 304,350 ألف متر مكعب من المياه المحلاة يومياً، تلبيةً للطلب المتنامي ومواكبةً للاحتياجات بالسرعة والجودة المطلوبتين، بما يضمن استمرار أمن الإمداد المائي في كل شبر من البلاد.