لطالما كانت “ألف ليلة وليلة ” كنزًا من الأساليب والأنواع الأدبية المميزة .. وهذا ليس مفاجئًا لأنه تم تجميعها على مدى عدة قرون؛ وتضمنت مواد من العربية والفارسية والتركية واليونانية والهندية .. استمتع جمهور القرون الوسطى برعب جيد حيث اختلطت مغامرات الليالي مع الأمثال الورعة وقصص الحب والنكات؛ ووجد القارئ حكايات مخيفة تتراوح من مجرد أوقات عصيبة إلى كابوس مُطلق وهو ما ألهم الرواد المعاصرين بتجسيد خيال الرعب ببعض أعمالهم.
تبدو ألف ليلة وليلة وكأنها رعب أكثر؛ فهي تتمحور حول الملك شهريار الذي اكتشف خيانة زوجته فقتلها وقرر أن يتزوج امرأة كل يوم يقضي معها الليل ويقتلها في الصباح؛ ويستمر ترتيب القتل حتى يتزوج شهرزاد التي لديها خطة لإنقاذ روحها؛ فجلست كل ليلة تحكي قصة وتقطعها عند الفجر؛ الأمر الذي جعله لا يريد تفويت النهاية ليقرر لشهرزاد العيش لمتابعة القصة بالليلة التالية؛ وبعد 1001 ليلة تخلى عن قراره بقتلها وتزوجها وكانت فكرة القصة نفسها هي محور الرعب والتشويق.
كذلك ظهور المنزل المسكون وهو عماد الرعب الحديث بالليالي؛ وهي قصة “علي القاهري والبيت المسكون في بغداد”؛ وتحكي قصة تاجر اسمه “علي” كان في زيارة لبغداد ليسأل عن بيت بأحد الأحياء؛ فيقال له أنه مسكون بالجن ومن يبقى داخله ليلة يموت قبل الصباح وتسحب جثته بالحبال لأن السكان خائفون من دخول المنزل وعلى الرغم من أن الوقائع لها ما يؤهلها لقصة تقشعر لها الأبدان إلا أن عشاق البيوت المسكونة الحديثة سيصابون بخيبة أمل من النهاية؛ حيث يقضي علي الليلة بالمنزل ولكن الجن لا يقتله ويرحب به ويعطيه الذهب.
كذلك ظهور مخلوقات خارقة للطبيعة؛ حيث تظهر الكائنات المتغيرة الشكل بجميع أنحاء القصص بأساطير ما قبل الإسلام؛ حيث كانت الجن أرواحًا تطارد صحاري الجزيرة العربية؛ وتقول الأساطير أن أجسادهم مكونة من نار؛ ولكن تصور القصة أن الجن ليس خبيثًا في جوهره؛ ففي بعض الحكايات يمنح الجن الأمنيات ويقدم المساعدة للبشر.
واحدة من أكثر الحلقات غرابة حكاية مدينة براس؛ حيث يأتي طاقم من المستكشفين لمدينة مسورة بعد أن سلكوا طريقًا تميزت بتماثيل مخيفة وقلعة مظلمة مليئة بالمقابر؛ ليصادفوا على الجدران الخارجية شابات ساحرات يكشفن عن أنفسهن أنهن آلات آلية مبنية ببراعة تهدف إلى خداع الغزاة للقفز على الجدران حتى وفاتهم؛ وعلى آثره يقتل عدد من الرجال قبل اكتشاف الوهم أما الباقون فيغامرون بالداخل ليجدوا مباني ذات فخامة لا تصدق مغطاة بالذهب والمجوهرات .. خارج المدينة صمت ينذر بالسوء فسكانها الوحيدون هم جثث بعضها جالس بمنزله ومتجره؛ مما يعطي انطباعًا بأن الحياة مجمدة بذلك الزمن؛ ليصل المستكشفون لملكة المدينة ذات العيون اللامعة التي تجعلهم يعتقدون أنها شخص حي؛ لكنهم سرعان مايكتشفون أنها ميتة وأن الضوء بعينيها يأتي من الزئبق الذي وضعه المحنط؛ ويروي نقش القصة أن المدينة ضربتها مجاعة وبمجرد أن استنفد الناس كل جهدهم لإنقاذ أنفسهم عادوا إلى أماكنهم وانتظروا مصيرهم .. بالنهاية هي حكاية مخيفة حول البحث عن الثروة. وظهور الغول وهي صورة من الأساطير العربية لنوع من المخلوقات المخيفة التي تجوب البرية بالليل .. وعلى عكس الجن فإن الغول يظهر شريراً دائمًا؛ حيث لديه شهية للجسد البشري وغالبًا ماتكون كامنة بالمقابر؛ وعرف أنها تتخذ أشكالًا مبهجة لجذب البشر للبرية؛ حيث يقول الفولكلور العربي إنه يمكن قتل الغول بضربة واحدة لكن الضربة الثانية تعيده إلى الحياة!.
Nevenabbas88@gmail.com
@NevenAbbass