حرب على الفساد، وملاحقة للفاسدين في كل مكان، فالفساد هو الموت البطيء لأي مجتمع، والفاسد هو المؤتمن الذي يضيُع الأمانة متعمداً، وكل أمانة تضيع لا تقف عواقبها على تلك المساحة الجغرافية التي ضاعت بها وإنما تمتد على مساحة بلد بأسره.
وفي ظل ما نشهده من جهود رائعة لهيئة مكافحة الفساد من خلال ما تُصدره من بيانات عن ما تم رصده من قضايا فساد على مختلف المستويات، نقف شاكرين لهم، ومتأسفين على كل شخص كنا نراه يوماً من الأيام مثالا للنزاهة، إلى أن اكتشفت – نزاهة – أن نزاهته كانت مزيفة.
حقاً نتأسف على من كانت هذه البلاد تُعطيه بسخاء، ويبادلها هذا العطاء بطعنة غدر قد استلم مُقابلها قيمة مالية أو مصلحة شخصية، واعتقد بذلك أنه كان وصل إلى مبتغاه بذكاء، وأن ما قام به لن يحجب نور السماء، وأنه ليس الوحيد بين الزملاء والأصدقاء.
وهنا تكون الوقفة التي يجب أن نقفها جميعاً ؛ فذلك الفكر ليس إلا حصيلة معتقدات خاطئة، ومبادئ لم ترسخ، ومعاني ذات دلالات مشوهة ، لا أقول ذلك الأمر تبريراً لجريمة الفساد مطلقاً، ولكن ما أقصده أن للأمر جذورا يجب ان تبحث وأسبابا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عاجلاً.
لا نريد أن يحاسب الفاسد فقط، وإنما نريد أن لا يكون بيننا فاسد، وهذا الأمر لا يكون إلا بإيجاد خط موازٍ لخط العقوبة والردع، وهو خط التربية الجيدة والتوعية المُكثفة عن مدى خطورة الفساد بجميع صوره وأشكاله على الفرد والوطن، وعلى أن يُفعلّ ذلك الأمر في جميع المراحل العمرية وبمتابعة من له دور فاعل بدءا من الأسرة ومروراً بمؤسسات التعليم والتثقيف.
إن المسؤولية الاجتماعية في محاربة الفساد كبيرة وهي علينا جميعاً، وكلما كنا مستشعرين لذلك استطعنا أن نكون قادرين على عدم صناعة فاسد جديد بيننا، ولكي لا نضطر بعد ذلك لمعاقبته على هدره لمكتسباتنا والتي هو أحدها.
szs.ksa73@gmail.com