البشرية وعلى مختلف ثقافاتها واجناسها، تتطلع للعودة الى حياتها الطبيعية التي كانت عليها قبل الجائحة الكونية التي انطلقت شرارتها من سوق للحيوانات بمدينة وهان الصينية (حسب ما هو معروف للجميع). السؤال الذي يطرح نفسه، كيف نعود الى حياتنا الطبيعة ومتى؟ .. خلال العام الماضي 2020 عانى الجميع (دون استثناء) من اثار الموجة الاولي التي ضربت انحاء المعمورة، وها نحن الان، نعاني من موجة ثانية مخيفة للنشاط الفيروسي والتي بدأت مع ظهور طفرات جينية للفيروس الكوروني الذي جعله أكثر نشاطا في الانتشار.. نعم، استطعنا ان نصل الى العديد من اللقاحات التي لها القدرة على تحفيز الجهاز المناعي لدي الانسان، وبالتالي، تقليل الاعراض المرضية التي قد يصل اليها المصاب بعدوى الفيروس الكوروني.
ومع كل الإجراءات الاحترازية التي طبقتها دول العالم، شاهدنا نتائج ايجابية مثل انخفاض اعداد الإصابات اليومية والوفيات، ومثالاً على ذلك، محلياً، تم تطبيق اقصى درجات الإجراءات التي بدأت منذ اكتشاف الحالات الأولى محليا (شهر مارس 2020)، واستمرت تلك الإجراءات من حظر تجول (كامل أحيانا) الى ما يقارب الثلاثة أشهر (شعبان، رمضان وشوال 1441)، مع استمرارية التشديد على التباعد الاجتماعي ولبس الكمامات. ومع انطلاق مرحلة اللقاح المنتظر، مازلنا نواجه خطر نشاط الفيروس وانتشاره من جديد! حيث انه ومع قليل من التساهل في تطبيقات التباعد الاجتماعي ولبس الكمامات، شاهدنا عودة ارتفاع اعداد الإصابات اليومية في مجتمعاتنا المختلفة مثل منطقة الرياض والمنطقة الشرقية!
هذا الانتشار الأخير، الذي تم رصده بشكل مخيف في العديد من الدول الأوروبية (بريطانيا، ايرلندا، فرنسا، البرتغال) الي جانب الولايات المتحدة الأميركية وأميركا الجنوبية (البرازيل والارجنتين)، ودول في القارة الافريقية (جنوب افريقيا ومصر)، ودول اسيوية أخرى مثل (الامارات، باكستان والهند)، يجعلنا ندرك تماما، اننا كشعوب ومهما اختلفت ثقافاتنا واجناسنا وتباعدت المسافات، مازلنا نعيش في كوكب واحد وكأننا سكان قرية واحدة! .. مجرد انتقال شخص مصاب من الشرق الى الغرب او من الشمال الى الجنوب، فأنه يستطيع ان ينقل الفيروس والعدوى والمرض الى سكان الأرض!
باختصار، مازلنا نحن المختصين في علم العدوى والمناعة، نأمل في حدوث امرين اثنين وذلك للوصول الى نهاية هذه الجائحة الكونية، هما: وصول المجتمعات الى نسبة عالية (ما يقارب 70%) من مناعة المجتمع (القطيع) وهو امر مرتبط الان بتوفر كم كبير من اللقاحات التي من خلالها يمكن تحفيز مناعة أكبر عدد من المجتمعات. الامر الثاني: حدوث طفرات جينية لفيروس كورونا يجعله في صورة ضعيفة لا تمكنه من الانتشار في المجتمع. تحقق الامر الأول (توفر اللقاح)، ولكن كثير من المجتمعات وللأسف لم يصل اليها اللقاح! اما الثاني، ما زلنا ننتظر حدوثه واكتشافه من قبل المختبرات الطبية. نعم، مازلنا في حاجة الى الوقت .. نتمنى ان نصل الي هذين الامرين مع بداية المنتصف الثاني للعام الميلادي 2021 وبداية عام 2022. حتى نصل الى هذين الامرين، يجب علينا اتخاذ كل التطبيقات الاحترازية وبجدية تامة دون أي تساهل.
استشاري عدوى ومناعة
باحث في الشأن الصحي