جدة – رانيا الوجيه
تحظى المملكة بمقوّمات جغرافية وحضارية واجتماعية وديموغرافية واقتصادية عديدة، تمكنها من تبوء مكانة رفيعة بين الدول القيادية على مستوى العالم. ورؤية أية دولة لمستقبلها تنطلق من مكامن القوة فيها، وذلك ما تستهدفه الرؤية 2030 خصوصا وأن مكانة المملكة في العالم تمكنها من أداء دورها الريادي كعمق وسند للأمتين العربية والإسلامية، كما ستكون القوة الاستثمارية للمملكة هي المفتاح والمحرّك لتنويع اقتصادها وتحقيق استدامته.
فيما يمكّنها موقعها الاستراتيجي من أن نكون محوراً لربط القارات الثلاث، حيث تعتمد الرؤية على « 3 « محاور وهي المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، وهذه المحاور تتكامل وتتّسق مع بعضها في سبيل تحقيق أهداف المملكة وتفعيل الاستفادة من مرتكزات هذه الرؤية. وانطلاقا من آليات العمل اليوم من اجل الغد وإيجاد تخصصات لخدمة مشاريع الرؤية التقت « البلاد « بعدد من المختصين والذين أكدوا أن الوظائف الجديدة التي تنتجها مشاريع الرؤية لا بد أن تنسجم وتتجانس مع تلك المشاريع ، لافتين إلى ضرورة اعادة النظر في جدوى مخرجات الجامعات حتى تتوافق مع مشاريع الرؤية فضلا عن احكام التنسيق بين المنتج الجامعي واحتياجات سوق العمل والحراك التنموي، داعين في الوقت نفسه إلى ضرورة إيجاد نظام تعليم جديد لمواكبة الرؤية والارتقاء بالمخرجات.
وتأسيسا على هذه الحقائق تؤكد الكاتبة والباحثة الدكتورة جواهر النهاري انه ووفقاً لرؤية 2030 فستكون هنالك وظائف شتى ووفرة في فرص العمل تنتجها مشاريع الرؤية، الأمر الذي يتطلب التوجه نحو تخصصات معينة تكون منسجمة مع مجالات تلك المشاريع وتقلل نسب البطالة في صفوف شريحة الشباب، وتقول ان التعليم الجامعي ومخرجاته أصبح في الوقت الراهن وثيق الصلة بقضايا التنمية واحتياجات سوق العمل، كما باتت احتياجات وتوجهات التنمية المعاصرة تنظر إلى التعليم الجامعي من زاوية انفتاحه على قضايا المجتمع وتلبية اهتماماته وتضع مخرجاته ومدى تلبيتها لعناصر الجودة والمواءمة كمعيار أساسي لنجاح أية مؤسسة جامعية.
تخصصات مطلوبة بقوة
وتضيف: وصولاً إلى تنفيذ رؤية 2030 الطموحة على أرض الواقع وكما يوضح خبراء التوظيف والاستشارات المالية فإن هنالك تخصصات مطلوبة بقوة في سوق العمل السعودي في ضوء رؤية 2030 في عدة قطاعات أهمها قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وذلك لوضع بنية تحتية رقمية سليمة تخدم الأنشطة الصناعية كافة وتكون عنصراً جاذباً للمستثمرين، وأهم المجالات في هذا القطاع هي علوم وبرمجة الحاسوب وهندسة البرمجيات وتقنية ونظم المعلومات والهندسة الميكانيكية والإلكترونية، كما أن هنالك التخصصات المرتبطة بقطاع التجزئة والمشاريع والمنشآت الصغيرة من إدارة أعمال والمجالات المالية والاقتصادية والشريعة والقانون والتسويق ونظم المعلومات الإدارية.
مراجعة البرامج الجامعية
من جهته يرى الدكتور هاشم النمر أستاذ التمويل والإقتصاد والكاتب والمحلل الاقتصادي أن الجامعات أصبحت تعيد النظر في التخصصات التي تقدمها كما وضعت رؤية للجامعة الحديثة ، وهناك بعض الجامعات أغلقت بعض التخصصات النظرية التي لا تواكب سوق العمل ومشاريع الرؤية ، وبصفة عامه أغلب الجامعات الان تستحدث رؤية وتخصصات جديدة وتراجع جميع برامجها الدراسية بأهداف معينة وتتميز في بعض العلوم والتخصصات، وأغلبها في التخصصات اللوجستية ، والتركيز على مجالات معينة لتصب في النهاية في مسار الرؤية. ومن أهم التخصصات البارزة الان هي الذكاء الصناعي وإدارة المعلومات والتقنية والإمدادات ومراكز الطاقة المتجددة والمدن الذكية، أيضا هناك جامعات تتجه الى تعليم اللغة الصينية، والى اقتصاديات الدول ، والتي تساهم في انشاء وتوجه لتبادل الصناعة الصينية .
نقلة تنموية
ويؤكد عبدالرحمن آل مرشد عضو منتدى الخبرة ان التخصصات الجامعية دائما ما تأتي لمواكبة سوق العمل وهذا هو المسار الصحيح وبالتالي ما يستجد من تطورات ونقلة تنموية وإقتصادية للدولة فمن المؤكد أن يصاحبها إستحداث تخصصات دراسية جديدة على مستوى الجامعات ومن ضمنها النقلة الهائلة للمملكة ضمن رؤية 2030، والتي أكدت على هذا الأمر بأن هناك إستحداث لتخصصات تنموية جديدة ، لتأهيل أبناء وبنات الوطن للعمل في هذه المجالات، مشيرا الى ان هناك عدة تخصصات تخدم مشاريع الرؤية منها: التقنية والحاسب الالي والتي لها علاقة بالمستقبل ويقول :من الجميل أن يكون من يعمل في هذه المجالات هم من أبناء الوطن ، وما يحدث في المملكة من تطور سريع وقفزات قوية في مجال السياحة يشهد بأن جميع العاملين عليها هم من أبناء الوطن في كافة فروع السياحة من مرشدين أو الفنادق الكبرى والمناطق السياحية ومكاتب السياحة داخل المملكة وهو ماحثت عليه الرؤية. وعلى سبيل المثال فان الوظائف التي أعلن عنها مشروع نيوم ستفتح افاقا جديدة للتوظيف والوظائف في شتى المجالات وأبرزها: وظائف في مجال إدارة المشاريع وفي مجال إدارة الانشاءات. وفي نظم الجدولة وفي مجال تقدير التكاليف ومراقبي الوثائق ومهندسي تكلفة ومهندسي تصاميم البيئة وفي مجال الذكاء الإصطناعي والتقنية وغيرها من التخصصات.
قاعدة صلبة للازدهار التنموى
الرؤية تبدأ من المجتمع، وإليه تنتهي ويمثّل المحور الأول أساساً لتحقيق هذه الرؤية وتأسيس قاعدة صلبة للازدهار التنموي. ينبثق هذا المحور من إيماننا بأهمية بناء مجتمع حيوي، يعيش أفراده وفق المبادئ الإسلامية ومنهج الوسطية والاعتدال، معتزّين بهويتهم الوطنية وفخورين بإرثهم الثقافي العريق، في بيئة إيجابية وجاذبة، تتوافر فيها مقوّمات جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، ويسندهم بنيان أسري متين ومنظومتي رعاية صحية واجتماعية ممكّنة.
كما انه في الاقتصاد المزدهر، يتم التركيز على توفير الفرص للجميع، عبر بناء منظومة تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل، وتنمية الفرص للجميع من روّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة إلى الشركات الكبرى. وتطوير الأدوات الاستثمارية، لإطلاق إمكانات قطاعاتنا الاقتصادية الواعدة وتنويع الاقتصاد وتوليد فرص العمل للمواطنين. ولأن الرؤية تنسجم مع رفع جودة الخدمات والتنمية الاقتصادية، فإنه يتم التركيز على تخصيص الخدمات الحكومية وتحسين بيئة الأعمال، بما يسهم في استقطاب أفضل الكفاءات العالميّة والاستثمارات النوعيّة، وصولاً إلى استغلال الموقع الاستراتيجي الفريد للمملكة.
ولأن الفاعلية والمسؤولية مفهومان جوهريان فإنه لا بد من تطبيقهما على جميع المستويات ولذلك، لا بد من رسم الملامح الفاعلة من خلال تعزيز الكفاءة والشفافية والمساءلة وتشجيع ثقافة الأداء لتمكين الموارد والطاقات البشرية وتهيئة البيئة اللازمة للمواطنين وقطاع الأعمال والقطاع غير الربحي لتحمل مسؤولياتهم وأخذ زمام المبادرة في مواجهة التحديّات واقتناص الفرص. وفي كل محور من محاور الرؤية هناك ثمة حزمة من الالتزامات والأهداف، والتي تمثّل نموذجا وتعكس الطموحات بالأرقام. كما سيتّم اعتماد الرؤية كمرجعية عند اتخاذ القرارات للتأكد من مواءمة المشاريع المستقبلية مع ما تضمنّته محاور الرؤية وتعزيز العمل على تنفيذها.