جدة ـ رانيا الوجيه ـ ياسر بن يوسف
اجتاحت قاعات الأفراح حمى أسعار أنهكت ميزانيات الشباب المقبلين على الزواج، حيث قفزت حجوزات بعضها إلى زيادة 50 % وذلك غير التكاليف الأخرى لتجهيزات تعتبر من ضروريات مراسم الزواج، أي أن المتزوجين يجدون أنفسهم في زاوية مالية ضيقة بسبب هذه الارتفاعات التي طالت جميع ما يتعلق بلوازم العرس. ولا يقتصر الأمر على منطقة معينة وإنما هذا السيناريو يشمل المناطق كافة ، ورغم جائحة كورونا وتحديد عدد المعازيم وتنفيذ الإجراءات الإحترازية فما زالت قصور الأفراح ترفع وتيرة مؤشر الأسعار ، والسؤال الذي يفرض حضوره هل يمكن ان تقف مراكز الأحياء في وجه الارتفاع الجنوني لصالات الأفراح وتتولى توفير قاعات أفراح بأسعار رمزية كما هو الحال في حي البساتين على سبيل المثال.
(البلاد) التقت عدداً من المقبلين على الزواج والذين أكدوا أن دخول مجالس الأحياء في تخفيف الاعباء المالية على العرسان الجدد من الأهمية بمكان، لافتين إلى أن تكاليف صالات الأفراح عالية جدا وتعجيزية، ومطالبين بإنشاء صالات جديدة وتوزيعها على مناطق المملكة، وتفعيل الصالات الخيرية الأخرى أيضا، وأن تتبنى جهات عملية إنشاءها وتوفيرها للمواطنين بأسعار رمزية .
وأضافوا أن الضرورة تقتضي المساهمة في تنفيذ مشروع قاعات زواج، لتسهم في تذليل متطلبات الزواج على الشباب، لافتين إلى أن بداية الزواج بالديون التي يتطلب سدادها سنوات طويلة سوف تدخل العروسين في متاهات من المشاكل وربما يعجل بتهاوي العش الزوجي.
بداية أوضحت منى السعيد أن فترة التجهيز للأفراح وما تقتضيه من ضرورة توفير احتياجات أصبحت أسعارها متزايدة، لذلك لابد من إنشاء مشروع قاعات أفراح بأسعار رمزية؛ لما في ذلك من تفريج على المصاعب أمام العرسان الجدد ، ومضاعفة أجر لمن يسهم في إنشائها .
وفي السياق نفسه اوضح محمد المرشد أنه في ضوء ارتفاع اسعار صالات الافراح فإن الضرورة تقتضي أن تدخل مجالس الاحياء طرفا في هذا السيناريو وتتولى انشاء صالات بأسعار رمزية لتأهيل العرسان الجدد كما هو الحال في حي البساتين في جدة لافتا في الوقت نفسه أن قاعات الافراح ترفع اسعارها بوتيرة متناغمة ما يدعو إلى التفكير في إطلاق مشاريع القاعات الخيرية عبر مجالس الاحياء في مختلف مناطق المملكة.
رسوم رمزية
مسؤولة مركز حي المحمدية سلوى داعوس أوضحت بقولها : لمراكز الاحياء دور كبير في المجتمع ولعل فتح قاعات المناسبات التابعة لمركز الحي لإقامة الحفلات والافراح والمناسبات العائلية التي تخص سكان حي المحمدية هي احدى المبادرات الاجتماعية لمراكز الأحياء، فقد استقبلنا ما يقارب 24 مناسبة ومن ضمنها مناسبات الأفراح والأعراس مقابل رسوم تعتبر رمزية، وأيضا هناك أسعار خاصة لعضوات مركز المحمدية، كما نستقبل مناسبات أيضا من خارج الحي وليس مقصورا على سكان حي المحمدية، وفي الآونة الأخيرة وجدنا إقبالا كبيرا من سكان الحي على إقامة الحفلات والمناسبات بقاعات مراكز الأحياء هروبا من ارتفاع أسعار القاعات الخارجية والفنادق بشكل كبير فهناك فرق مابين دفع 3 الاف ريال وبين 30 الف ريال لليلة واحدة، كما أن المساحات والمرافق التابعة لمركز الحي واسعة ومناسبة جدا لإقامة أية مناسبة خاصة، وتوفير حدائق خارجية بمساحات كبيرة مما جعل فكرة اللجوء الى مراكز الأحياء بديلا أفضل وذات عدة مميزات من القاعات الأخرى.
تكاليف الأفراح
ويتفق محمد بيومي مع الآراء السابقة بقوله: أؤيد هذه المبادرة من مراكز الأحياء ، في ظل ارتفاع أسعار وغلاء قاعات الحفلات ، فسابقا وضعت مراكز الأحياء ليستفيد منها سكان الحي في بعض الأنشطة الثقافية والخيرية وغيرها من الخدمات، الآن يتم استغلال قاعات مراكز الحي بمقابل مادي رمزي كون هدفها ليس ربحيا، ومن جانب آخر التخفيف من مصاريف الأفراح لدى الأسر ، أما الامر الآخر فهو إعادة إحياء المشاركة الاجتماعية في الأفراح والمناسبات التي افتقدناها في الراهن حيث اصبحت العلاقات الاجتماعية “معلبة”.
وأذكر أنه في السنين الخوالي كان سكان مكة المكرمة وجدة يعلقون الأنوار والزينة ويصفون الكراسي في مناسبات الأعراس وكان جميع الجيران وسكان الحي يشاركون في الفرحة، استشعارا من أهل الحي بالمساعدة في المناسبات لجيرانهم. فهذه المبادرة من مراكز الأحياء لها فائدتان اقتصادية واجتماعية على سكان الأحياء.
وعي الأسر
من جانبها قالت المهتمة بالشؤون الاجتماعية الدكتورة سحر السبهاني بالفعل هناك ارتفاع غير عادي في أسعار قاعات الأفراح والمناسبات وذلك تعويضا لخسائر تلك القاعات التي تسببت بها الجائحة، ولكن تغيرت مفاهيم عديدة لأغلب الأسر السعودية وأصبح لديهم وعي أكبر في الصرف خصوصا في مناسبات الأعراس ، حيث شهدنا مؤخرا أعراسا تقام داخل المنازل بدلا من استنزاف المال في قاعات الأفراح، وتعتبر مبادرة مراكز الأحياء ردا واضحا على هذا الغلاء من خلال تقديم قاعاتها ومساحاتها لإقامة المناسبات الخاصة والافراح لسكان الحي. وبصفتي عضوة في عدة جمعيات أرى أن على جميع مراكز الاحياء في مختلف المناطق تفعيل مبادرات القاعات الخيرية من اجل دعم العرسان الجدد.
حلول منطقية
المدير التنفيذي لجمعية مراكز الاحياء بجدة عبدالله السيود أوضح أن هذه المبادرات بمراكز الأحياء من الأهمية بمكان لتأهيل العرسان الجدد وتجنيبهم الديون ، لافتا إلى أن جائحة كورونا أظهرت الكثير من الحلول لدى جميع مراكز الأحياء والتي تخفف من وطأة مشاكل ” كورونا” وقاعات مراكز الأحياء أصبحت بمثابة مواقع لزف العرسان وإقامة المناسبات الأجتماعية ومن مميزاتها أنها بأسعار رمزية كما انه يسهل الوصول إليها وهي في متناول جميع سكان الحي مع وجود تطبيق للاشتراطات الاحترازية وتقديم البروتوكولات في كل مناسبة، في عملية الدخول والخروج وتحقيق التباعد الاجتماعي وجميع ذلك مطبق داخل قاعات المناسبات بمراكز الأحياء. وأيضا من الجانب الاقتصادي غيرت الجائحة الكثير من المفاهيم لدى الأسرة السعودية، وأصبحت تنظر بمنظور آخر من التقليل من النفقات وكان من باب أولى نفقات الأفراح وأسعار القاعات تتراوح من 70 الفا إلى 100 ألف تدفع في ليلة واحدة، وبالتالي أصبح الوعي أكبر لدى افراد المجتمع ولدى أهالي الحي ، وجمعية مراكز الأحياء عملت على هذا الأمر وأوجدت فرصا وحلولا بديلة لغلاء القاعات والمساحات الكبيرة ، بالإضافة إلى تقنين عدد المعازيم ، حيث أصبح عدد المدعوين لايتعدى الـ 50 شخصا مقارنة في الماضي حينما كان يستدعي دعوة 100 شخص الى 300 شخص .
عادات خاطئة
المستشار القانوني هاني الجفري أوضح أن ارتفاع أسعار القاعات وقصور الافراح بعد الجائحة دفع العديد من المتزوجين إلى اقامة افراحهم في الاستراحات ، لافتا إلى ضرورة تفعيل مبادرات مجالس الاحياء لتدشين قاعات لاقامة المناسبات باسعار رمزية، خصوصا وان ارتفاع اسعار قاعات الافراح دفع العرسان الجدد للبحث عن قاعات افراح منخفضة التكاليف أو اللجوء إلى الاستراحات، ورغم ذلك لا يزال الطلب على القاعات والقصور في تزايد بسبب شروط أهل العروس والعادات الخاطئة.
المستشار الاقتصادي محمد أبو الجدائل قال إن ارتفاع تكاليف الزواج في الوقت الحاضر يعد من المشاكل الاجتماعية الراهنة التي تزداد ضراوة رغم النداءات المتكررة للحد منها.. واذا كنا قد نجحنا الى حد ما في علاج مشكلة ارتفاع المهور في الكثير من شرائح مجتمعنا.. الا ان هناك مشكلة تظل قائمة في المدن الكبرى . تتمثل في ارتفاع اسعار قاعات الافراح سواء في الفنادق او الصالات المنفصلة.
وأضاف بقوله : لعل ارتفاع أسعار القاعات أصبح من الأسباب المؤجلة لموعد الزفاف خصوصا في مواسم الإجازات حيث يفاجأ كثير من المقبلين على إقامة حفلات الزفاف بارتفاع اسعار هذه القاعات، لذا فإن تفعيل مبادرات مجالس الاحياء بتدشين قاعات للمناسبات من الأهمية بمكان لدعم العرسان الجدد، كما أن البحث عن القاعة الأنسب للحفل هو ما يدفع الكثير للعزوف عن القاعات القديمة التي لم تعد إمكاناتها مناسبة من حيث الديكورات والإضاءة وحتى البلاط وفرشه من السجاد أو الموكيت وضعف إمكانات تلك الصالات القديمة إضافة أن بعضها يقع في مناطق بعيدة عن الأحياء السكنية.