الإقتصاد

الاستثمار في الأناقة

جدة – البلاد

“كن جميلا .. تر الوجود جميلا” هذا ماقاله أحد أبرز شعراء العرب (إيليا أبو ماضي) قبل نحو قرن وعقد من الزمان، ومن قبله بأزمنة لا يزال الإنسان يبحث في أعماق نفسه عن جمال يزينها.
لكن ماذا عن التجمل والتجميل والتزيين النسائي حسب لغة العرب، أو بلسان العصر (الماكياج ) ، بأدواته الرقيقة وصناعاته الدقيقة ، وأسواقه المليارية في أرجاء الدنيا ، وهي حسبة ضخمة ، تضع سؤالا كبيرا عن سوق مستحضرات التجميل وحصيلة ماتنفقه المرأة لأجل أن ترى صورتها في مرآتها أولا ، والإطلالة التي تحبها.

إذا سألت شريحة من السيدات والفتيات عن أهم ما تحرص عليه المرأة في حقيبة يدها ، لن يكون مفاجئا أن تجتمع إجاباتهن على “علبة الماكياج” وهذا أمر فطري وسلوك طبيعي ، لا مجال فيه لاستدعاء قاموس علم الجمال عن دوافع التجميل لدى المرأة ، والذي تبلغ ذروته في المناسبات النسائية كالأفراح حيث موسم مراكز التجميل ، وحسب الطلب تكون الكلفة. لكن لندع الفضاء الواسع لفنون التجميل ومستحضراته التي تتنوع حسب طبيعة ولون البشرة وخيوط الصباح وشمس الظهيرة ، وظلال المساء..ونتناول فقط بعض جوانب اقتصاديات التجميل ، كأحد أنشط القطاعات الاستهلاكية للمرأة ، وتصل استثماراتها العالمية ما يقارب 800 مليار دولار.


المركز التجاري الأهم
تعد المملكة المركز التجاري الأهم في المنطقة بشكل عام ومنه قطاع مستحضرات التجميل الذي يقدر بنحو 20 مليار ريال ويمثل نحو 52% من أسواق التجميل بمنطقة الخليج ، لما تتميز به الحركة التجارية في السعودية من بنية تحتية متقدمة وحركة نشطة وتسهيلات وعروض مميزة ، ويقدر حجم التجزئة السنوي بحوالي 5.4 مليار دولار، كما يتميز السوق السعودي بتنوع الماركات العالمية والمحلية ، وما يرتبط بذلك من فرص واعدة في صناعة مستحضرات الجمال.
هنا نستحضر جوانب من فعاليات وأرقام النسخة الثانية لمعرض عالم الجمال السعودية “بيوتي ورلد 2019” في مركز جدة للمنتديات والفعاليات بمشاركة من 22 دولة، تمثلت في 191 جهة عارضة ، حرصت خلالها على حجز حصةٍ أكبر في السوق السعودي ، وقد سجل المعرض في ذاك العام نموا بلغ 15 % في أعداد الجهات العارضة ، مما يؤكد على الاهتمام الكبير بالسوق السعودي . وبحسب تقرير مؤسسة ’يورومونيتور إنترناشيونال‘ تعتبر المملكة أضخم أسواق مستحضرات العناية الشخصية والجمال في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تستحوذ على نسبة 16% من إجمالي المبيعات في المنطقة.

هذه الأرقام تعكسها الواردات لتلبية نمو السوق ، فقد ارتفعت قيمة استيراد مستحضرات التجميل إلى المملكة وفق أرقام 2018 ، نحو 7 مليارات ريال ، مسجلة قفزة واضحة قياسا بواردات عام 2015م التي بلغت حيذاك 2.3 مليار ريال. وطبقا لبيانات الجمارك لتلك الفترة ، فإن أهم الدول التي يتم استيراد مستحضرات التجميل منها هي: فرنسا- الإمارات- ألمانيا- أميركا- المملكة المتحدة- إيطاليا- الصين.

التوطين والأكاديمية
وكما تعد صناعة التجميل واعدة للمستثمرين ، يستقطب هذ القطاع فئات جديدة من السعوديات في سوق العمل، والمساهمة في رفع نسبة مشاركتها من 20 % إلى 30 % ، وذلك بحسب خلود الحماد ، عضو اللجنة الوطنية للتزيين النسائي بمجلس الغرف السعودية.

والدفعة النوعية الأهم لهذا القطاع الاقتصادي الضخم ، تحققت بقرار مجلس الوزراء الذي صدر في يوليو الماضي بشأن تعديل ضوابط ممارسة نشاط التزيين النسائية، والذي حظي باهتمام كبير ، نظرا لنتائجه الإيجابية في تعزيز مجالات الاستثمار ، وفرص العمل والخبرة والدخل الكبير لتخصصات هذا المجال.
وفي إطار الاهتمام بتوطين قطاع التجميل النسائي ، سبق وأن نظم المجلس التنسيقي لعمل المرأة بمجلس الغرف السعودية الملتقى الأول للتوظيف بشركات وصالونات التجميل النسائية ، شارك فيه عدد من المهتمين والكوادر النسائية المتخصصة، بهدف تعزيز التواصل بين الشركات ومراكز التجميل النسائي والباحثات عن عمل، بهدف رفع نسبة مشاركة المرأة ، وبالفعل خرج الملتقى بحصيلة 371 وظيفة. ويعمل المجلس التنسيقي لعمل المرأة ، على زيادة مساهمة المرأة السعودية في سوق العمل ، وإعداد البرامج والدورات التدريبية المتخصصة في هذا النشاط الذي يتركز فيه نحو 70% من الاستثمارات النسائية بنحو 3 مليارات ريال ، ولذلك تتكرر الدعوات إلى إنشاء أكاديمية نسائية للتجميل تختصر الطريق إلى توطين الوظائف والخبرة وتدوير العائد محليا في الاقتصاد العام ، ضمن فرص التنمية الاقتصادية والمجتمعية المستدامة للمرأة السعودية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *