البلاد – مها العواودة – عمر رأفت
يسود العالم تفاؤل متزايد بشأن تعافي الاقتصاد العالمي خلال العام الجديد ، مع بدء انتاج وإعطاء اللقاحات في العديد من دول العالم ، وسط آمال بانتهاء أزمة جائحة كورونا وتداعياتها الصحية والاقتصادية تباعا ، مع نجاح مبادرات وجهود المملكة خلال ترؤسها لمجموعة العشرين الأكبر اقتصادا، والتي أسهمت كثيرا في إنقاذ الاقتصاد العالمي ، وسرعة تهيئة عوامل استعادة نمو مضطرد لكافة قطاعات الاقتصاد التي نالت منها الجائحة ، وكذلك تزايد الآمال في تهدئة الملفات الساخنة خاصة في منطقة الشرق الأوسط.
بداية يرى الخبير الاقتصادي المصري أبو بكر الديب أن التفاؤل الحذر عنوان الاقتصاد العالمي في العام الجديد، وقال: “رغم الموجة الثانية من فيروس كورونا والتي تفشت في كثير من دول العالم إلا أن هناك تفاؤلا بتحسن الاقتصاد العالمي، وأعتقد أنه سيتحسن بفضل عوامل كثيرة منها أن العالم تعلم من الموجة الأولى واحتاط للثانية وتم إنتاج عدة لقاحات لفيروس كورونا وظهرت بالفعل بوادر التحسن والتعافي على اقتصادات الصين ” مشيرا إلى أن الاقتصاد العالمي سيتمكن من تحقيق معدلات النمو السابقة لأزمة كورونا عام 2022 و 2023، مع الاختلاف بين دول وأخرى حيث يمكن لمعدلات النمو أن تقفز إلى مستويات كبيرة لكنها دون مثيلاتها في 2019.
وتابع “هناك تطورات أخرى في العام الجديد منها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي باتفاق تجاري لفترة ما بعد بريكست وأحداث أخرى ماينعش الأسواق الأوروبية وازدهار قطاعات: الصحة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتجارة الإلكترونية وانتعاش الناتج الاقتصادي وأرباح الشركات، وبالتالي زيادة الطلب علي النفط وزيادة أسعاره ما يرفع أسهم الطاقة والشركات العاملة في القطاعات الصناعية”.
وتوقع تحسن مستويات النمو بشكل كبير بدول في المنطقة على رأسها السعودية ومصر والإمارات خلال النصف الثاني من 2021، وستشهد ضخ استثمارات في البنية الأساسية والعقارات.
من جانبه، أكد أستاذ الإعلام السياسي في المملكة د. عبد الله العساف أن عام 2021 سيحمل ثوابت ومستجدات تبقي آثار كورونا التي سيطرت على القطاعين الصحي والاقتصادي، وفي الشأن السياسي قال :” يظل وصول الرئيس الديمقراطي جو بايدن مثار الكثير من التكهنات بين متفائل ومتشائم وقليل من الواقعية، لكن المتوقع في السياسة الخارجية الأمريكية إعادة ترتيب الأولويات والانفتاح مجددا على أوروبا ، وكذلك محاولة فرض عقوبات جديدة على روسيا والصين التي ستشهد علاقاتها بواشنطن المزيد من التوتر ، كما توقع أن تشهد حرب اليمن انفراجة ، وتراجع تركي عن ليبيا وشرق المتوسط في ظل تبلور موقف الاوروبيين تجاه أنقرة.
نجاح السعودية عالميا
في السياق أوضح الباحث في القانون والحوكمة الاستراتيجية د.محيي الدين الشحيمي أن التركة التي ورثها العام الجديد 2021 من العام المنصرم، والذي شكل صدمة كبيرة جدا على المستوى العالمي جراء أزمات وكوارث وأحداث مهمة ومصيرية على المسرح العالمي كبيرة جداً أخطرها جائحة كورونا ، لكن كان للدور المهم لمجموعة العشرين برئاسة المملكة أثر إيجابي فاعل في التخفيف من تداعياتها حيث أولت السعودية تركيزا وأولوية كبيرة لحشد مجموعة الكبار في معالجة التداعيات على الصعيدين الصحي والاقتصادي في العالم من خلال مبادرات تريليونية غير مسبوقة.
وفي هذا، توقع الخبير الاقتصادي، مصطفى الشربيني تغييرا كبيرا في شكل النظام العالمي بعد جائحة فيروس كورونا ، بحيث ينفتح العالم اكثر نحو التضامن الكامل والانفتاح نحو شيوع المعلومات في البحث العلمي بدلا من الانغلاق الذي حدث مع حقوق الملكية الفكرية، فالعلم والمعرفة يجب ان يمتلكه البشر عامة ، كما توقع ان يغير العالم من سلوكياته الخاصة بالتغيرات المناخية حتي لا تحدث مزيد من الكوارث ، وذلك بالحفاظ علي التنوع البيولوجي والحد من الملوثات.
تهدئة الملفات الساخنة
من جهته قال محمد ربيع، الباحث في الشأن الدولي إن من المؤكد إن عام 2020 شهد العديد من التغيرات التي اثرت على العلاقات الدولية منها جائحة كورونا والتي بينت قوة الانظمة الصحية في الدول وحجم التعاون الدولي والمساعدات التي قدمت من دول لاخرى.
وأوضح أنه مع تطورات الربع الاخير من العام 2020 وتراجع الصراعات نسبيا بفضل جهود دول قائدة في المنطقة مثل الجهود السعودية لإنهاء الأزمة اليمنية والجهود المصرية لوقف الصراع في الازمة الليبية ، وكل هذه المبادرات والجهود التي بدأت تظهر في ارض الواقع تشير إلى مجموعهة من الاحتمالات خلال عام 2021 ، منها تراجع قدرة ايران على إثارة الفوضى والأزمات بالمنطقة ، خاصة مع قدرة المملكة من خلال قيادتها للتحالف في تحجيم الحوثيين وايران ، وتميز العلاقات السياسية التي بنتها الرياض ودورها المؤثر دوليا.
وبالنسبة للعام الجديد 2021 ، فمن المتوقع أن يشهد إعادة هيكله وبناء تحالفات دولية خاصة في ظل المتغيرات الدولية الجديدة من تحول العالم لمتعدد الاقطاب وكذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي يهدد اقتصاد المملكة المتحدة ناهيك عن التغيرات التي سوف يشهدها النصف الثاني من عام 2021 مع وضوح السياسة الخارجية الامريكية للإدارة الجديدة.