رياضة مقالات الكتاب

المشروع ما بين الفكر والموهبة

لعب نادي أوسترسوند السويدي في دوري الدرجة الرابعة، عندما تولى جراهام بوتر تدريبه في عام 2011، وبحلول الوقت الذي غادر فيه في يونيو 2018، كان الفريق في الدرجة الأولى بالسويد، وفاز بكأس السويد، وقد جاء هذا التحول؛ لأن بوتر أعطى النادي هوية وجعله وجهة للاعبين الذين يريدون تحسين أنفسهم؛ حيث تخلى عن ثقافة اللوم للتركيز على الأداء والنتائج، وقام ببناء التماسك وروح الفريق الواحد فسواء تعلق الأمر بالرياضة أو العمل، فإن التماسك عنصر أساسي لأي فريق ناجح، يمتلك أفراده تماسكا عاليا يساعدهم على تحقيق طموح مشترك؛ حيث يتواصلون بشكل أفضل، ويعملون بشكل أكثر كفاءة، ولديهم ثقة أكبر في منظومتهم.

إطلاق كلمة “مشروع” على عملية تغيير في جلد أي فريق أصبح مستهلكاً؛ فالحصول على نتائج إيجابية على المدى الطويل يعتمد بشكل كبير على ثقافة النادي ودرجة تنظيمه ووضوح استراتيجيته ودقة وتنظيم تطبيقها مع أهمية مراعاة أعمار اللاعبين المستقطبين؛ سواء كانوا شباباً، أو ذوي الخبرة، حيث أظهرت الدراسات إلى أفضلية الأندية التي لديها فريق متوازن من ناحية العمر والخبرة، حيث يسمح هذا للاعبين الشباب بالتطور جنبًا إلى جنب مع اللاعبين الأكثر خبرة (سواء محليين أو أجانب) وبشكل تدريجي استبدال أعمدة الفريق والحرص على استقرار المنظومة والمشروع واللاعبين في ظل المنافسة وإمكانية الإخفاقات.
جميع المشاريع تتطلب الاستقرار، فاستقطاب اللاعبين بعقود طويلة الأجل، مع خيارات التمديد التلقائي، مفيدة على المستوى الرياضي والاقتصادي حيث يأتي الارتباط بين الاستقرار والنجاح على المدى الطويل في تحقيق الإنجازات ، فمابين عامي 2009/2010 و 2014/15 ، كان متوسط سنوات بقاء اللاعبين الذين وصلوا إلى نهائي دوري أبطال أوروبا في نفس النادي حوالي 3.8 سنوات عندما وصل فريقهم إلى النهائي في مقابل 3 سنوات للأندية الأخرى التي شاركت في المسابقة.

إن بناء هيكل متوازن في العمر والخبرة، وقبل ذلك الفكر شروط أساسية لتطبيق والمحافظة على مستوى مرضٍ من الاستقرار على المدى الطويل؛ لذلك قناعة ضخ الأموال بدون وجود أسس فكرية وعملية ستؤدي الى النجاح والاستقرار والاستمرارية لأي ناد هي قناعة منقوصة؛ حيث إن هناك أندية حققت إنجازات في ظل ضعف الضخ المادي، ولكنها لم تستطع الاستمرار في ذلك حتى لفترات قصيرة في ظل غياب الفكر، ناهيك عمن توفر لديهم الضخ المادي ولم يستطيعوا تحقيق النجاح الموازي لذلك الضخ المالي ، لذلك هي معادلة لابد من تتطابق أطرافها لتحقيق نجاح المشروع على المدى الطويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *