لم يكن أمين دابو” يرحمه الله” من اللاعبين العابرين في تاريخ رياضتنا، فهو لاعب له مدرسته الخاصة، وأسلوبه الرشيق في التعاطي مع المستديرة داخل المعشّب، وهو أحد القلة التي نجحت في صناعة ذائقة الجمهور، من خلال أسلوبه في ترقيص الكرة وكأنهما – هو والكرة – في حلبة رقص، لا في مباريات تنافسية.
جاء دابو، وهو أحد هدايا الراحل الأمير عبدالله الفيصل” يرحمه الله” فهذب كثيرا من طريقة لعب كرة القدم في دورينا، وغير من أسلوبها، وهذا قدر اللاعبين الكبار الذين لا يكتفون بما يقدمونه، بل يساهمون في زرع طرقهم وأساليبهم من خلال مقلديهم. خرج من مصر” المحروسة” بعد أن أوجع الأهلي والزمالك، وأصبح مانشيت صحف مصر الأول بعد هدفه الشهير في الأهلي القاهري “لعيبة الأهلي خابوا .. فغلبهم دابو”، وبعد أن حبر ريشة رسامي الكاريكاتير “دابو..جابوه”.
وعندما تصبح المانشيت الرياضي الأول في صحف؛ كالأهرام والأخبار، وأنت لم تبلغ الثامنة عشرة من عمرك، فهذا دليل على موهبتك وسطوتك وشخصيتك.
هذه الشخصية انتقلت مع دابو لملاعبنا، الذي جاء انتقاله عبر وساطة قام به الرئيس المصري الراحل أنور السادات، بطلب من الأمير عبدالله الفيصل؛ كتأكيد على تعلق الجماهير المصرية بموهبته، وهو ما عجز عنه الكثير، فالمصريون شعب “ولّاد” ومن الصعب إقناعهم فنيا وكرويا.
وكان” دابو” عصا السحر لـ”ديدي وسانتانا” من خلال أهدافه وبطولاته التي امتدت منذ تمثيله للفريق؛ حتى نهاية مشواره الذي توجه بهدف في منتخب السامبا، وبمحاكاة الأسطورة مارادونا في مباراة اليوبيل الذهبي، الذي استغرب عدم احترافه في الدوري الإيطالي؛ أعظم دوري في حينه.
هذه النوعية العبقرية من اللاعبين، هي من تستحق أن تلقب بالأسطورة، فهو لم يكن امتدادًا لأحد، ولكنه يمثل لكثيرين المدرسة التي تتلمذوا في محرابها.
توفي دابو بعد اعتزاله منذ ثلاث عقود، وكعادة الموت كان أكثر وفاء من كثيرين، حيث تصدر خبر وفاته وسائل الإعلام الحديث، وكانت فرصة لإعادة تداول مقاطعه ونجوميته التي كانت أحد أسباب سيطرة النادي الأهلي على البطولات؛ فكان الرقم (1) في البطولات، وكان دابو الرقم (1) في الملاعب.
مخرج…
من باب الوفاء، يستحق اسم أمين دابو، أن يكون محفوظا بإطلاقه في أحد أركان، أو زوايا النادي الأهلي.