الدولية

الشهاب.. 1984 يومًا في مسالخ الميليشيا

القاهرة – محمد عمر

تواصل (البلاد) فتح الملف الأسود لميليشيا الحوثي الإرهابية وجرائمها بحق الأصوات الإعلامية اليمنية الوطنية . وفي هذه الحلقة “الثالثة” نكشف مأساة الصحافي اليمني هيثم الشهاب الذي اختطف أثناء ممارسة عمله من أحد فنادق العاصمة صنعاء يوم 9 يونيو عام 2015، بصحبة ثمانية آخرين من زملائه الصحافيين، على خلفية نشاطهم في توثيق الانتهاكات الحوثية لحقوق الإنسان، ليقضي 5 أعوام وأكثر من 4 أشهر ( 1984 يومًا) في زنازين وأقبية تعذيب الميليشيا الحوثية، قبل ان يفرج عنه وأربعة آخرين من زملائه الصحافيين في 15 أكتوبر الماضي، بموجب اتفاقية تبادل أسرى ومختطفين أبرمت برعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر بين جماعة الحوثيين والحكومة الشرعية اليمنية، تشمل 1081 أسيرًا ومختطفًا، فيما لا يزال صحافيون وناشطون سياسيون آخرون رهن الاحتجاز، بينهم أربعة صحافيين قضت محكمة حوثية بإعدامهم، إثر محاكمة صورية تفتقد لأدنى مستوى من العدالة والمشروعية والنزاهة.


تعود بدايات مأساة الشهاب إلى يوم الاعتقال، 9 يونيو 2015، كان الشاب هيثم لم يمض على تخرجه إلا عام ويومين ( متخرج من كلية الإعلام قسم الصحافة بجامعة صنعاء في 7 يونيو 2014)، كان بدأ توًا يشق طريقه في مهنة البحث عن الحقيقة، ليصطدم بجماعة ظلامية قائمة على الجهل والخرافة، حولت أحلامه كوابيس وحياته جحيمًا، يقول “لا تنقم ميليشيا الحوثي على أحد مثل ما تنقم علينا نحن الصحافيين أصحاب الكلمة المؤثرة التي تحارب أفكارهم المريضة التي يحاولون تسويقها للمجتمع بكل بشاعتها”.
اقتحم مسلحو الميليشيا الحوثية الفندق بالرشاشات والـ “أر بي جي” ، وصوبوا أسلحتهم لصدور هيثم وزملائه بإتهامات باطلة ملفقة، فتشوهم وأخذوا كل ما لديهم من أدوات وأجهزة باستثناء الملابس التي عليهم، بعدما فتشوها جيدًا، ونقلوهم إلى سجن الحصبة، شمال شرق صنعاء، تعرض “الشهاب” للتهديد بالتصفية ووضعه هدفًا في مخازن السلاح التي تتعرض لقصف الطيران، وبعد يومين نُقل إلى سجن البحث الجنائي ليظل شهرًا، من 11 يونيو حتى 12 يوليو 2015، مورس معه أقسى أنواع التعذيب أثناء التحقيقات، والتهديد بالتصفية أو استخدامه درعًا بشريًا في جبل نقم شرق صنعاء.

يتابع الشهاب ” أدخلونا في غرف بدون فراشات أو بطانيات نمنا ثلاثة أيام على البلاط فوق التراب في البرد، رفضوا إعطاءنا الأكل ليومين، أما المرحاض فمرة واحدة فقط ، الكلام ممنوع ومن يضبط يتحدث يعاقب بالضرب المبرح بالأيدي والأرجل والعصي.
نُقل الصحافي هيثم الشهاب إلى سجن الثورة الاحتياطي، ليظل هناك ستة أشهر أخرى، من 12 يوليو 2015 حتى 24 يناير 2016، استمرت خلالها يوميات الضرب بالهراوة والأسلاك الشائكة، ثم إلى سجن هبرة الاحتياطي بسعوان، من 24 يناير إلى 4 مايو 2016، حيث منع من رؤية الشمس أو الاختلاط بأي شخص، وهدد بالنقل إلى صعدة معقل الميليشيا الحوثية، وعلى إثر إضرابه عن الطعام، تعرض للضرب من “أبو خليل” مدير الاحتياطي.

كانت الفترة الأطول لهيثم الشهاب مع المعاناة والعذاب والانتهاكات والضرب والتنكيل في سجن الأمن السياسي، الأسوأ سمعة في اليمن، ليمكث هناك من 4 مايو 2016 إلى 2 اكتوبر 2020، تعرض خلالها للضرب إلى حد الموت، هددوه باختطاف أهاله، كما حاول مدير السجن المدعو “عبدالخالق” ابتزازه للعمل معهم وإصدار صحيفة من السجن، وكان رفضه إيذانًا بمزيد من التعذيب ووضعه في زنزانة تطفح فيها المجاري وتغطي فراشه وملابسه، وإذلاله بضربه أمام أسرته أثناء الزيارات.

ويؤكد الشهاب أن الحوثيين استقدموا لتعذيبهم أشد مسلحيهم عنفًا وعنجهية، ودربوهم على التفنن في البطش والتعذيب، والذي يتعامل مع المعتقلين ببعض الرحمة يرمى به خلف الشمس، ويرى أن المرور على السجون الحوثية أشبه بالمرور على شفرة حادة تجعلك تنزف وتتألم بقساوة، وتمر الأيام على الأرواح والذاكرة مرور المكواة الحامية، يقول إنه ذات يوم وجدوا معهم “سِنة قلم” في سجن الأمن السياسي، تعرضوا عقب ذلك للضرب والركل على الوجوه والدعس على الصدور، وهراوات الميليشيا ظلت لساعات تضرب أجسامهم بكل قوة، ورغم كل هذه البشاعات والانتهاكات لم ينالوا من عزيمتهم، “كنا مجردين من كل شيء لكنهم فشلوا في هزيمتنا”. وكشف أن الصحافيين المفرج عنهم قبل أقل من شهرين خرجوا نتيجة التعذيب مصابين بأمراض كثيرة، ضعف نظر وسكري وأمراض في القلب والكبد والكلى.
وطالب الصحافي هيثم الشهاب، المُفرج عنه حديثًا، المنظمات الدولية، عدم غض الطرف عن الجرائم والانتهاكات التي تمارس ضد الصحافيين والمختطفين عمومًا في سجون الحوثيين، في أقبية مظلمة ليل نهار وتمارس فيها كل صنوف التعذيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *