جدة – هلال سلمان
فقدت الكرة السعودية، أحد أبرز لاعبيها السابقين والملقب بـ (الثعلب) وهو النجم أمين دابو، الذي تعرض لأزمة صحية تواجد على إثرها في إحدى مستشفيات مدينة جدة، قبل أن تتأزم حالته ويفارق الحياة عن 69 عاما.
البداية من شبرا
ولد “دابو” في حي شبرا بالقاهرة في 3 ديسمبر 1951، وبدأ ممارسة الكرة في أحياء القاهرة ثم التحق بمدرسة فرنسية، إلا أن والده كان يريده أن يصبح فقيهًا، فألحقه بمدينة البعوث الإسلامية، التي كانت- ومازالت- مخصصة للطلبة الوافدين إلى مصر، لكن أمين كان شغوفًا بكرة القدم، وتنس الطاولة، التي برع فيها ونال بطولات على مستوى جمهورية مصر العربية، دون أن يؤثر ذلك على عشقه الأول.. كرة القدم.
والتحق دابو بفريق كرة قدم داخل المدينة التي يقطنها الشبان المسلمون القادمون للدراسة في الأزهر، ورغم عدم منح مدربه الفرصة له لضآلة جسمه، إلا أنه لم ييأس وطالب زملاؤه المدرب بإشراكه في الشوط الثاني؛ فاستجاب على مضض، لينتهز أمين الفرصة ويحرز هدف الفوز في الدقائق الأخيرة، ومن يومها بات لاعبًا أساسيًا في فريق “المدينة”.
بازوكا ينقله للدراويش
شارك دابو في دورة كروية بنادي الجزيرة في القاهرة، وحصل مع فريقه “مالي” على البطولة مرتين، وكان من أبرز نجوم الدورة، فلفت نظر نجم الإسماعيلي السابق سيد عبد الرازق الملقب بـ (بازوكا) ومدرب الناشئين محمد عثمان، وبعد انتهاء الدورة مباشرة، عرض بازوكا على دابو الالتحاق بفريق “الدراويش” فلم يصدق نفسه من الفرحة، لتبدأ رحلة تألق جديدة تحت الأضواء هذه المرة.
ومن أشهر المباريات التي لعبها دابو مع الإسماعيلي مواجهة دور الثمانية في كأس مصر أمام الأهلي، التي انتهت بفوز “الدراويش” بهدف دون رد سجله دابو؛ ليصبح اسمه على كل لسان، وبات مادة خصبة للصحافة.
وأدى شغف دابو بالكرة إلى فشل دراسته الجامعية؛ حيث رسب مرتين متتاليتين، فقررت الجامعة إيقاف منحته الدراسية، وكذلك فعلت السفارة السنغالية، فتوجه إلى إدارة الإسماعيلي طالبًا تسجيله في معهد التربية الرياضية، و5 آلاف جنيه، لكنهم صموا آذانهم عن طلبه، فانقطع دابو عن التمارين.
علم رئيس شركة المقاولون العربب، المهندس عثمان أحمد عثمان بالموضوع، فأرسل في طلب دابو عارضًا تذليل كافة العقبات والاستجابة لطلبه ووعدوه بشقة فاخرة، وبعدها نجح في امتحان المعهد بامتياز، لكنه فوجئ بأن اسمه لم يدرج في كشوف الطلاب الجدد، ولم يستلم الشقة فأدرك أن وعود إدارة الإسماعيلي لم تكن صادقة، فازدادت المشاكل، فقرر دابو الابتعاد عن النادي.
السادات ينقله إلى الأهلي
تزامنت مشاكل دابو مع الإسماعيلي مع بداية اهتمام الأهلي السعودي بضمه، وذلك بطلب من المدرب البرازيلي السابق ديدي، وكان لحرص دابو على إكمال تعليمه دور كبير في انتقاله من مصر إلى السعودية، حيث حضر وفد النادي الأهلي إلى القاهرة لمفاوضته عام 1976 وأسفرت تلك المفاوضات عن إلحاق أمين بكلية الآداب مع الوعد بحصوله على الجنسية السعودية ولعائلته.
ولم يشأ نادي الإسماعيلي في البدء التخلي عنه، ورفض كل الإغراءات المادية؛ ليتدخل الرئيس المصري الراحل أنور السادات، بعدما خاطبه الأمير عبدالله الفيصل، وحسمت الصفقة التي كانت الأغلى حينها مقابل 600 ألف دولار.
التألق مع الأهلي
ومع الأهلي كتب دابو فصول رحلة جديدة من التألق والإنجازات، فلعب له أكثر من 200 مباراة، وحقق معه العديد من البطولات؛ من أبرزها درع الدوري الممتاز مرتين عامي 1398 و1404، وكأس الملك 4 مرات أعوام 1397 و1398 و1399 و1403، وكأس الخليج عام 1405، وامتاز بلعبه الاستعراضي الممتع والمراوغات والذكاء الشديد داخل المستطيل الأخضر.
ونال دابو الجنسية السعودية، ومثل منتخبنا الوطني في العديد من المباريات، ومنها تصفيات كأس العالم 1982 التي تألق فيها، وبعد مسيرة حافلة بالبطولات، وفي مباراة تاريخية اعتزل دابو بمشاركة فريق فينورد روتردام الهولندي، بحضور الأسطورة يوهان كرويف عام 1984.
وفي عام 1987 أحضر الأهلي النجم الأسطوري مارادونا للعب مباراة استعراضية مع فريق بروندبي الدنماركي بمناسبة مرور 50 عامًا على تأسيس النادي، ورغم اعتزال دابو إلا أنه تألق بشكل لافت في تلك المباراة، وأحرز هدفين من الأهداف الخمسة في شباك المنافس، فيما سجل دييغو هدفين وبندر سرور هدفًا، وشاءت إرادة الله أن يتوفى مارادونا قبل أيام من وفاة دابو.
وبعد اعتزال الكرة، عمل دابو مدربًا للبراعم والناشئين بالنادي الأهلي، ثم درب نادي الاتحاد لفترة وجيزة، قبل أن يتجه للتحليل الفني.
لحق بزوجته بعد أيام
تأثر دابو كثيرًا برحيل زوجته ورفيقة دربه” أم محمد” قبل أسبوع؛ حيث انتقلت إلى جوار ربها مطلع شهر ديسمبر الجاري، وتعرض دابو لجلطة، أُدخل على إثرها المستشفى لكن حالته تأزمت، حتى فارق الحياة – رحمه الله.