كلنا نعلم أن جائحة كورونا قد أثَّرت تأثيرًا بالغًا في طريقة عمل كثير من مجالات الحياة ولاسيما مجال التعليم؛ حيث اتَّجه العالم إلى نظام التعليم عن بُعد، وقد كان هذا الخيار حلًّا مثاليًّا في معظم دول العالم ومن بينها مملكتنا الحبيبة، وبالطبع كان هذا الحل أفضل من إلغاء التعليم وضياع العام الدراسي على الملايين من أبنائنا الطلاب والطالبات، أو تعريضهم لخطر العدوى والإصابة بفيروس كورونا والذي كان سيتفشى في المجتمع بصورة وبائية فتاكة، وهذا ما حدث بالفعل في بعض الدول والمجتمعات التي فتحت أبواب المدارس فانتشر المرض، واضطرت في النهاية إلى إعادة إغلاق المدارس والاتجاه إلى التعليم عن بُعد سواء عبر الإنترنت إن كانت البنية التحتية تساعدها، أو عبر قنوات التلفزيون أو شبكات الإذاعة العمومية في المجتمعات التي لا تتوافر فيها شبكات الإنترنت.
ورغم أن التعليم عن بُعد كان وسيلة ناجعة في توفير التعليم لمئات ملايين الطلاب والطالبات حول العالم، والحد من انتشار جائحة كورونا وتعريض المجتمعات لمخاطرها الكارثية في حال تفشيها بصورة وبائية وخروجها عن السيطرة إلا أن هناك بعض التحديات والصعوبات وربما السلبيات قد صاحبت تطبيق هذا النمط من التعليم رصدها المعلمون والمختصون والخبراء في هذا المجال، ورافق ذلك شكاوى من بعض أولياء الأمور.
من أبرز هذه السلبيات غياب التفاعل المباشر نتيجة التباعد بين المعلم وطلابه، كما أن الكثير من أولياء الأمور يشتكون من صعوبة متابعة أبنائهم الصغار لمعلميهم في صفوف المرحلة الأولية من التعليم الابتدائي، ومن الشكاوى أيضا صعوبة التأكد من متابعة الطلاب والطالبات لشرح المعلمين والمعلمات، ولا يمكن طبعا للآباء والأمهات الجلوس مع أبنائهم طوال الوقت، كما يشتكي بعض أولياء الأمور من نوم أبنائهم أثناء اليوم الدراسي لعدم قدرتهم على تنظيم مواعيد نومهم.
ومن المشاكل الأخرى التي رُصِدَت مشكلة عدم ضبط عملية التقويم، وإمكانية حدوث (غش) في بعض الأحيان، أو وجود مشاكل تقنية في وضع الاختبارات على الموقع أو المنصة، وعدم قدرة الطلاب والطالبات على التعامل معها بيسر وسهولة، أو تكرار الأسئلة، أو صعوبة عثور الطالب على الاختبارات في المكان الذي حدده له المعلم، وغير ذلك من المشاكل التقنية الناجمة عن الضغط على شبكات الإنترنت، أو مشاكل الاتصال الأخرى سواء بسبب انقطاع الاتصال بالإنترنت أحيانا أو ضعف التغطية في بعض الأماكن، أو انقطاع التيار الكهربائي فجأة، وتعطل أجهزة الحاسوب مع الطلاب، وفقدان الاتصال بالمنصة لبعض الوقت أثناء سير عملية الاختبار. أخيرًا أقول: ربما هناك بعض المبالغة في رصد تحديات وصعوبات التعليم عن بُعد، وبالقطع هناك مشاكل متوقَّعة في أية منظومة في أي مجال وفي كل مكان، والتعليم التقليدي نفسه في المدارس تحدث فيه آلاف المشاكل والأخطاء يوميًّا حول العالم، سواء غياب بعض الطلاب عن المدرسة، أو انقطاع البعض الآخر عن الدراسة، ومهما كانت الشكاوى حول التعليم عن بُعد إلا أنها تبقى حالات فردية متوقَّعة وطبيعيَّة، ومهما يكن من أمر فيبقى (التعليم عن بُعد) الخيار الأمثل لاستمرار العملية التعليمية، وحماية المجتمع من تفشي جائحة كورونا.
Osailanim@yahoo.com
