يعج سوق العقار بأعداد تتزايد من المتسوقين والمتسوقات الوافدين وبشكل لافت أدى الى تذبذب الأسعار ارتفاعا وانخفاضا في ظل عمل دؤوب يرمي بمجمله لعودة سوق المضاربات من جديد بما يتنافى مع اهداف الرؤية ويقوض ما تحقق من تقدم كبير في برامج الاسكان بل يصل الى حد التأثير على النهضة الصناعية التي بدت ملامحها تتشكل بحكم فتح افاق استثمارية جديدة في اعقاب تحجيم المضاربات العقارية التي رفعت اسعار العقار بشكل فلكي حتى تجاوزت تلك الاسعار في الفترة الاخيرة القيمة الفعلية للعقار.
صحيح ان سوق العقار احد مجالات الاستثمار لكن الاكثر صحة ان الحاجة للتمكين والقضاء على البطالة تستوجب مساهمة رؤوس الاموال بما يتناسب مع مستهدفات الرؤية، والتجارة والصناعة من اهم قنوات العمل لتحقيق ذلك في ظل ادراك المردودات الايجابية قياسا للمضاربات العقارية من باب الايمان بأن الارض لا تأكل ولا تشرب والاهم لا تساهم على الاطلاق بتوظيف شاب واحد ولو كان ذلك في مجال حراستها.
المخططات الملموسة حاليا ترمي لمحاولة رفع قيمة العقار بما لا يتناسب مع اوضاع السوق في اعقاب ركود طبيعي نجم عن انخفاض الطلب وارتفاع العرض فالعقار الابن البار من اكثر السلع ربحية في فترة من الفترات حتى بلغ مرحلة منافسة أسواق المال عبر المضاربات والتكتلات القائمة على الاحتكار قبل ان تزيح وزارة الإسكان الستار من خلال برامج ومبادرات أدت لتمكين الشباب والشابات من الحصول ما كان حلما بعيد المنال في فترة من الفترات.
بوادر العمل الجماعي لتجار العقار بدت واضحة للعيان من خلال محاولات رفع الأسعار في مناطق تخوم المدن وفي مخططات لم تصلها الخدمات الا ان تلك المحاولات لم تجد نفعا في ظل وعي المستهلك ونشاط الإسكان في توفير الخيارات المتعددة وفرض قيود تنظيمية من بينها رسوم الأراضي البيضاء ولعل التوسع في تلك الرسوم يدفع محتكري القطع السكنية الصغيرة المتناثرة الى تشييدها او بيعها اذا ما خضعت هي الأخرى للرسوم في القريب العاجل وهذا ما سيشعر المتاجرين بأهمية تطويرها خاصة ان نسبة الشباب والشابات في المملكة تتجاوز 65 % وهؤلاء دون شك بحاجة لتسهيل الحصول على السكن مدعومين بالعمل على وصول أسعار العقار الى القيمة الفعلية المنطقية اذ كيف يتسنى لشاب او شابة امتلاك قطعة سكنية لا تتجاوز مساحتها 400 متر مربع بمبلغ فلكي يشنف اذاننا محمولا على هواتف المسوقين الأجانب في كامل مخططات جدة على سبيل المثال، فالمملكة من الدول القليلة التي تشهد ظاهرة تجاوز كلفة البناء قيمة الأرض بأضعاف مضاعفة رغم حدوث العكس في الكثير من دول العالم الاصغر مساحة وهو الامر الذي يحتاج لمعالجة من خلال تنظيم السوق العقاري وضبطه.
لا شك ان الدولة حريصة على توفير السكن للمواطن وهو امر على رأس اولويات اهتمامات خادم الحرمين الشريفين خاصة وقد تكفلت رؤية المملكة بالتنظيم والإصلاح ولمس الجميع بوادر تحقق الرؤية في كافة مجالات الحياة عبر اهتمام ومتابعة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ولعلنا نعيش ونتعايش مع برامج كبح جشع التجار فرغم ان العقار سلعة من السلع لا بد ان نقر ان تجاوز الأرباح الالف بالمئة ان لم يكن اكثر، ليس من التجارة في شيء لحدوث ضرر على المستهلك كما يحدث في سوق العقار حاليا.
هل نشهد تفعيل بورصة العقار بما يمكن الشباب من تحقيق احلامهم ؟ وهل نصل الى تنظيم سوق العقار بما يكفل السعودة فعلا لا قولا ؟ هذا ما نجزم بحدوثه في القريب العاجل.