جدة ــ ياسر بن يوسف
تعبر اليوم الخميس فعالية اليوم العالمي للمعاقين، وفي هذه المناسبة تحضرنا نجاحات وإضاءات لبعض المعاقين الذين تمكنوا من تحقيق طموحاتهم ورسم خارطة طريق لحياتهم مما جعلهم نماذج لأصحاب الهمم، خصوصا وأن المملكة العربية السعودية تولي اهتماما كبيرًا ملحوظًا بحقوق المعاقين “ذوي الاحتياجات الخاصة”، وذلك وفق مرجعية إسلامية حضَّت على الاهتمام بالإنسان، بل وجعلت أسمى غايتها صون وحماية حقوقه المشروعة، واليوم العالمي للمعاقين هو يوم عالمي خصص من قبل الأمم المتحدة منذ عام 1992 لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة. (البلاد) التقت كلا من صاحب لقب سفير الإرادة والتحدي ماجد عبدالله باسواد ووالدته سفيرة تحقيق الأمنيات والتي تكرمت كأم مثالية لمدة ١٦ عاما كما التقت محمد توفيق بلو أمين عام جمعية إبصار السابق واللذين أكدا أن الإعاقة لم تمنعهما من مواصلة عطاءاتهم في الحياة ، لافتين في الوقت نفسه إلى أن المملكة تولي اهتماما كبيرا بأصحاب الهمم وتدعم مسيرتهم . في البداية تقول ايمان باشكيل والدة ماجد ، كان ابني طفلا سليما وحياته طبيعية، حتى وصل الى عمر 8 سنوات ، عندها أصيب بمرض التهاب السحايا وتم تشخيص الطبيب له بشكل خاطىء ثم ابتلاه الله تعالى بمرض بهجت ومن هنا بدأت قصة ورحلة كفاح ونجاح جديدة في حياتنا كأم وابنها ..فقد مررنا بمراحل في غاية الصعوبة ، لقد كان ماجد اشبه بالاعمى، ولا يتكلم ولا يتحرك ، كان يعاني من تشنجات مستمرة، ولا يتغذى الا عن طريق انبوب في المعدة، فكان لايستطيع البلع او السمع او الحركة.
انتصارات وفنون وتطوع
وتضيف (إيمان باشكيل) حصلت على لقب سفيرة تحقيق الأمنيات، وحصل ابني ماجد على لقب سفير الإرادة والتحدي، وهذا بسبب تجاوزنا لكثير من المعوقات ، فاصبح ماجد من اوائل الشباب السعوديين من ذوي القدرات الفائقة متخرجا من الولايات المتحدة الامريكية.
دراسة الطب
ومن جانبه أوضح ماجد بقوله: حينما حصلت على الشهادة الثانوية تم تكريمي وابتعاثي إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتكملة دراستي في الطب قسم العلاج الطبيعين وقد حصلت على لقب سفير الارادة والتحدي والعزيمة.
وأضاف ماجد انه يهوى الفن التشكيلي وشارك في العديد من الفعاليات كاليوم الوطني في جمعية الثقافة والفنون حيث قدمت اعمالا عديدة في الرسم والتلوين واعمال الجبس كما أشارك في الاعمال الطوعية وفرق الإنقاذ.
مشاركات عديدة
ويضيف ماجد بقوله: غرست والدتي في نفسي “لا إعاقة في طريق الإرادة” أي ان الانسان لا ينظر لإعاقتي ولكن ينظر لإنجازاتي، وتابع أنه نجح في مشاركات كثيرة في مجتمعه نتيجة تربية وتعويد والدته له على الثقة بالنفس وتخطي الصعاب بالإضافة الى التحفيز الدائم له. حيث أن ايمان والدة ماجد لم تعتبره معاقا بل اعتبرته إنسانا عاديا ومعافى وان الوحدة والانعزال شيء غير مرغوب فيه وانه لابد ان يعيش ذوو الاحتياجات الخاصة بتواصل دائم مع المجتمع .
تراث زمخشري
وفي السياق نفسه أوضح محمد توفيق بلو أمين عام جمعية إبصار السابق وهو من الذين حققوا نجاحات في حياتهم رغم اعاقته البصرية انه يسعى حاليا إلى تكريس تراث الشاعر الراحل طاهر زمخشري. ويضيف ” سبط ” الراحل زمخشري انه يعمل حاليا بوتيرة ممنهجة من اجل تفعيل تراث طاهر زمخشري وقد اسفرت تلك المبادرة عن استقطاب النشء الجديد لأشهر قصائد الزمخشري خصوصاً المغناة منها أو المرتبطة بمشاهير الفن السعودي، مثل قصيدة “معزف الحب” التي كتبها عن الفنان الراحل طلال مداح. وقصيدة “المروتين” التي لحنها وغناها الموسيقار الراحل طارق عبد الحكيم. و “يا أعذب الحب” للفنان محمد عبده التي غناها بالحان الموسيقار عمر كدرس. كما لوحظ انتشار واسع لقصيدته “رباه” التي أعاد توزيعها وأداءها الفنان محمد عبده وأصبحت العديد من القنوات الفضائية تبثها في فتراتها الدينية طيلة العام، وقصيدة “النفس المؤمنة” التي لحنها المطرب والملحن المصري الشيخ مرسي الحريري وأداها المنشد المصري الشيخ محمد الفيومي في أواخر خمسينيات القرن العشرين الميلادي، ومؤخرا تم إعادة غنائه في مسرح معهد الموسيقى العربية في القاهرة في العام 2015م، وبدار الأوبرا المصرية في العام 2019م.
نشاط توعوي
يقول بلو :حينما احلت للتقاعد المبكر من عملي بالخطوط الجوية العربية السعودية في العام 1992م بسبب إصابتي بإعاقة بصرية بدأت نشاطا توعويا وإعلاميا بهدف العودة للعمل، في الوقت الذي كانت تصلني اتصالات واستفسارات من طلاب الآدب يسألون عن مراجع ومعلومات عن الأديب طاهر زمخشري بصفتي قريبه، فأدركت افتقار الأسواق لكتب تقدم معلومات عنه أو دواوينه الشعرية ومن حينها اضفت إلى نشاطي الإعلامي فكرة تأليف كتاب عنه للطلاب والباحثين والمهتمين بأدبه.
ويضيف بلو في العام 1996م التقيت الأديب والكاتب الراحل محمد صادق دياب ــ رحمه الله ــ الذي ابدى تعاطفاً واهتماماً بقضيتي مع فقدان البصر وعملي آنذاك فبادر بتناولها في برنامجه “من السعودية مع التحية ” الذي كان يعده لقناة ART عبر فقرة حاورني فيها مقدم البرنامج الإعلامي المخضرم عدنان صعيدي، وكانت المرة الأولى التي أظهر فيها على شاشة تلفزيونية، وقبل بدء التصوير دار بيننا حوار علم منه أنني أحلم أن أكتب كتابا عن جدي الأديب الراحل طاهر زمخشري بعنوان (بابا طاهر حكايات وذكريات) فدعم طموحاتي.
ويضيف بلو لم تمنعني الإعاقة من تحقيق طموحاتي والعطاء في الحياة حيث إنني قدمت فكرة مشروع إنشاء مركز لخدمة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية والذي أسس لاحقاً باسم جمعية إبصار الخيرية في نوفمبر 2003م وعينت مديراً عليها وخلالها واصلت مشروعي الكتابي فقدمت أول مؤلف لي بعنوان “حصاد الظلام” عام 2001م تناولت فيه تجربتي مع فقدان البصر والتطرق إلى علاقتي بالأديب الراحل طاهر ومخشري رحمه الله ومن خلال التجربة التي اكتسبتها من ذلك المؤلف استطعت تأليف أول كتاب يطرح في الأسواق عن جانب من حياة الأديب بعنوان “الماسة السمراء.. بابا طاهر زمخشري القرن العشرين” عام 2005م.