اجتماعية مقالات الكتاب

تذكرة سفر سياحية

لم تعد السياحة ترفا، بعد أن أصبحت مطلبا حضاريا، وإذا أردنا نبش الذاكرة السياحية لما قبل عشرين عاما، فإننا نجد تسابقا لدى بعض العائلات السعودية، لحجز مواعيد السفر والبحث عن أفضل العروض السياحية مبكرا، عن أفخم الفنادق في مدن أوروبية وعربية وشرق آسيوية، في مناسبات الاحتفال برأس السنة الميلادية، واجازات فترات الصيف في رحلات سياحية، تصل لدرجة التنافس والتباهي، لدى بعض أفراد هذه العائلات، بأنهم قضوا اجازتهم في تلك المدن الباهية، وقد تصل أحيانا لعدد من المدن في رحلات متتالية، بحسب برامج زمنية مقننة ومواعيد ثابتة، مقابل التزام كلي من جميع أفراد الأسرة، تشمل الجميع حتى لا تفوتهم مواعيد الطيران.

ولعل بعضنا قد مر بهذه التجارب، التي يسيل لها اللعاب، ولا يقتصر ذلك على الأسر الثرية فقط، التي عادة ما تكون وجهتها للمدن الأوروبية والأمريكية، وهذا لا يقلل من شأنهم أو يعيبهم، وإنما جزء أساسيا من حياتهم بغية الترفيه، وتغيير الأجواء وقتل الرَّتابة والعودة بنشاط وحيوية أكثر حماسا، وهي ظاهرة صحية لا يمكن الخوض في تفاصيلها سلبا أو ايجابا، ولكنها تطرح تساؤلات مُلحِّة ويزداد الحاحها بالتقادم الزمني، فجيل الثمانينات الميلادية كانت وجهات قضاء اجازاتهم مختلفة، ومن الواقعية أن يكون معهم الحق، لانعدام البنية التحية السياحية آنذاك، مقابل الوفرة المادية التي قد تكون على حساب، أبرز أساسيات الحياة المعيشية.

وهذه الجوانب تتعلق بالثقافة الأسرية، والوعي العام وما يتبادله أفراد المجتمع في مجالسهم ..وتلعب سيدات المجتمع الدور الأهم في ترتيب الأمور، وأخذ موافقة رب الأسرة ببوسة رأس، ومواعيد معسولة قد تتبعثر مع شروق شمس اليوم التالي، بعد نقل التهاني والبشائر للأبناء ومجالس سيدات الحي، وهذه صور اجتماعية كانت سائدة لوقت قريب، ولا يمكن تعميم التجربة ليبقى التفاوت سيد الإيقاع وتقدير الظروف، وشخصية قائد كتيبة الأسرة ومدى الصلاحيات الممنوحة له، من قبل سيدة بلاط المنزل الآمرة الناهية صاحبة النفوذ، وفق الحشمة والاحترام المتبادل مع الطرف الآخر، وكما تُدين تدان ومن يُقدِّم السبت يجد الأحد، والمرونة وجبر الخواطر أمرٌ لابد منه وإن غلا الثمن.

بينما المؤشر السياحي هذا العام يشير الى أن تذكرة السفر وجميع الحجوزات محلية النشأة، بشرط أن تبادر أماكن الترفيه والمناطق السياحية لدينا، بتقديم أفضل عروضها لكسب أكبر مردود ، وتكوين خبرات تراكمية وسمعة طيبة، لدى مرتادي هذه المواقع السياحية، وأن تواكب الأسعار الخدمات الفندقية، بما يشجع السائح السعودي ليؤكد حجز تذكرة سفره محليا، مقابل مواعيد ثابتة ومرونة تتوفر لدى الناقل الوطني، وأن تكون لدينا بدائل في وسائل النقل البرية والجوية والبحرية، على أمل أن تكتمل شبكة الخطوط الحديدية لتشمل معظم المناطق السياحية، وهذا يتطلب تفعيل العنصر البشري، خريجي الكليات السياحية من الشباب والشابات، في جميع مكونات الخدمات السياحية بما فيها عمليات التسويق.
abumutazzz@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *