هو أبغض الحلال، لكنه في كثير من الأوقات أرحم الحلول المشروعة وأكثرها راحة للابتعاد والحصول علي حياة أكثر صحية وإنسانية..عند قرار الانفصال يبادر الكثيرون للتدخل ومحاولات الصلح أكثر من مرة .. قد يختلف معي الكثيرون لكنني أرى أنه من الواجب واللازم أن تعي الأطراف المبادرة للصلح بين الزوجين عند قرار الانفصال أو الطلاق أن تدخلهم سيزيد الطين بلة، فالتدخل بالرغم من أن له دوافع إنسانية ويعتبر من أنواع الدعم والتعاطف إلا أنه بالواقع يعتبر إجبار طرف أو حتى الطرفين على العيش تحت سقف واحد بمزيد من القيود والأذى والضغوط النفسية، أياً كان المسميات لحصول ذلك.. الطلاق أمر صحي لأنه بمثابة الفرصة التي سيراجع فيها كل طرف حقيقة شعوره تجاه الآخر، وطريقة الحياة والتعامل معه..إنه إعطاء مساحة للحرية والتفكير في القرار القادم؛ إما بالعودة والتراجع أو الابتعاد نهائياً مع الحفاظ على مكان للود والتسامح والاحترام فيما بينهما.
فوائد الطلاق أنه يوضح الرؤية بشكل أكثر منطقية وعقلانية ويجعل الفرد يعي جيداً أضرار وفوائد الاستمرار على المدي البعيد، لأنها تفسح المجال للعقل في التفكير بدلاً من القلب في تحديد القرارات والتي دائماً ما تكون اندفاعية وخاطئة ولحظية قائمة على المشاعر الوقتية للحدث، لأن الطرفين عند قرار الانفصال يفكر كل واحد منهم بطريقة تحكمها المشاعر، وهو ما يترتب عليه أمور كارثية قد تصل للتفكير في الانتقام أو حتى القتل في بعض الأحيان. محاولات الصلح هي امتداد لحالة الخلاف بين الزوجين وليس حلاً لأسبابه كما يظن البعض.. اتركوا الطرفين يقررون تحديد شكل وملامح حياتهما القادمة، فالأجدر هو تشجيع كل طرف على ترك الآخر يقرر بعيداً عنه خاصة في ظل وجود أبناء، لأن تربية الأطفال وسط أجواء نفسية غير مستقرة بين الأم والأب تجعلهم أكثر عرضة للأمراض والاضطرابات النفسية الناجمة عن تلك الخلافات أكثر من تربيتهم وهما منفصلان.
وهو فرصة لإعادة ترتيب الأوراق وإدراك حجم المشاعر والتقدير الحقيقي الذي يستحقه الطرف الآخر، وسيجعل الطرفين في منأي عن استخدام الأطفال كوسيلة ضغط للاستمرار على سبيل المثال. عمق المشكلة التي تزيد من حالات الطلاق تكمن في أنه لا يوجد تشابه إلى حد كبير أو توافق بالشخصيات، فتجميل الشخصية من البداية للإيقاع بالآخر أو نيل إعجابه سيجعل الطرف الآخر فيما بعد مطالبا بأن يتأقلم مع شخص آخر لا يعرفه وهو ما يظهر الاختلاف ويخلق الخلاف طوال الوقت..وبكل أسف ثقافة الانفصال الراقي تغيب وبشدة عن غالبية المجتمعات لأن البعض يرى أن الطلاق هو شكل من أشكال الرفض بالنسبة إليه، وهو أمر مهين يجب أن يقابل بعدوانية دون أن ينظر للأمر على أنه فرصة لتصحيح الأوضاع الخاطئة وكسب المزيد من الاحترام بينه وبين الشريك.
Nevenabbas88@gmail.com
@NevenAbbass