عندما تظهر المجاملات والمحسوبيات في العمل، فإنها ستؤدي إلى نتائج غير جيدة، مما يتسبب دون شك في نقص الإنتاجية وضعف مستوى الجودة.
وهناك من المسؤولين في القطاع العام والخاص من تغلب عليه العاطفة وتتحكم لديه الرغبات الشخصية عند التعيينات والترقيات والدورات وغيرها، فيقدم القريبن منه، وليس المستحقون! وهذه ملاحظة بشكل واضح. فالذين يعملون في محيط أصحاب الصلاحية نجدهم يستأثرون بالمواقع والمراتب والمراكز، بينما يهمل من هم أكثر أحقية من الجادين المخلصين الذين يعملون بصدق وصمت، ويتحركون وفق الإستراتيجيات المرسومة، همّهم تحقيق نجاح العمل والوصول للأهداف التي تخدم الوطن، الأمر الذي يثير كثيراً من الغبن.
فعندما يُعين اثنان؛ أحدهما في الوزارة مثلاً، والآخر في أحد فروعها بالمناطق نجد الأول يترقى بسرعة من مرتبة لأخرى، بينما زميله الثاني الذي هو أكثر كفاءة ومعرفة وعطاء وجودة يقبع في مرتبته ومكانه لأنه ليس هناك يد تنتشله، رغم أن الخسارة ليست شخصية، ولكنها خسارة للعمل والوطن إجمالاً. حيث نسمع عن أشخاص من ذوي الكفاءة والقدرة والخبرة والرؤية والطموح تقاعدوا في نهاية مسيرتهم العملية وهم على مراتب بسيطة، بينما زملاؤهم القريبون من أصحاب القرار وصلوا إلى المراتب العليا بكل بساطة بما فيها من فروقات كبيرة في الرواتب والمزايا ونحوها.
ويعلق الطرفاء بقولهم: “يا حظ القريب من الفلج” وهي عبارة شعبية تعني أنهم لا يحتاجون إلى دلاء وقِرَب وبذل أي مجهود فالماء يصل إليهم دون عناء. وما عليهم إلا أن يشربوا بكل هناء!
الكثيرون يرون أن هذا يعطي دلالة على نمطية تلك الإدارات ورتابة مسؤوليها التي لا يمكن أن تتطور وترتقي وتنتج بالشكل المطلوب طالما بقيت على هذا الرتم!
ولأن الموضوع عن أهمية الاستثمار البشري والحرص على أهمية استقطاب الأجدر والأقدر، فإننا نشير إلى كل من معالي الدكتور غازي القصيبي ومعالي الدكتور محمد الرشيد، رحمهما الله، كانا يبحثان عن الكفاءات ممن يُعرِّف بهم فكرهم وإنجازهم من أي موقع لاستثمارهم لخدمة الوطن الغالي بلا معرفة أو علاقة أو صلة قرابة أو توصية، ونستطيع القول بأنهما نموذجان وطنيان راقيان، سيحفظ لهما التاريخ نقاء السيرة وجمال المسيرة.
ولا نشك أن هناك نماذج وطنية مماثلة، قد لا نعرفها تحرص على المصلحة العليا دون النظر للاعتبارات الأخرى .