ولما صار الطفل في يومنا هذا أكثر نضجاً وأكثر انفتاحاً على تكنولوجيا العصر، ولم تعد تستهويه قراءة الكتب الورقية، ولا حتى الإنصات إلى حكايا جدته الخيالية، وحين صارت الجدة لا تتقن فن الإلقاء ولا تجيد السرد القصصي؛ لأنها انشغلت عن أحفادها وانهمكت في أخبار السوشيال ميديا وجهازها الذكي؛ وحيث بتنا نرى انغماس الناس في مواقع الشبكة العنكبوتية وسرعة استجابتهم لتطبيقاتها المتنوعة التي قصرت عليهم المسافة واختصرت الوقت وخفضت في التكاليف، فقد يكون من الأجدى لنا، أن نصبح منتجين لتلك التقنية الساحرة، وليس فقط متلقين ومستهلكين. إن التحول من العالم المادي والتقليدي إلى العالم الافتراضي بات واقعاً يفرض نفسه بقوة ، وباتت المنافسة في برامجه هي معيار تطور الدول وتقدمها، وصار البقاء، ليس للأقوى، كما كان يقال سابقاً، بل للذي يتحول رقمياً (Digitalization ) بوقت أسرع ويلحق بصناعتها الإبداعية، ولذلك لم يعد أمامنا من خيار إلا الهرولة نحو عالم الذكاء الاصطناعي، والاستعانة بقدرة نظامه على تفسير البيانات وإيجاد الحلول وفهم الأشياء من خلال تطبيقاته في الروبوتات، في الهاتف الذكي ، في الرعاية الطبية ، في دقة الأعمال، وتقليل هامش الخطأ البشري، وحتى في التفكير المنطقي بعيداً عن العاطفة، ولم يعد أمامنا أيضاً إلا أن نوظف التكنولوجيا في العمل، عن بعد، والتكنولوجيا في التعلم عن بعد نظراً لما لها من أثر فعّال في تحدي الظروف الصعبة التي قد تواجه الانسان وتعيق حضوره الشخصي إلى مقر عمله أو مكان دراسته . وكذلك لم يعد أمامنا إلا أن نثري المحتوى التقني من أجل خلق بنية تحتية رقمية شاملة محفزة للمستثمرين والمستفيدين ، وأن نحسن في جودة الاتصال من أجل انتشار المعرفة وتبادل الخبرات وعقد المؤتمرات، ويجب أيضاً أن نعطي الأطفال، أولى اهتماماتنا ونشاركهم مخرجات التكنولوجيا بطرق سليمة؛ بحيث نضع لهم استراتيجيات تعليمية مبتكرة تحفزهم على الجد والمثابرة وتشجعهم على البحث والمطالعة ضمن بيئة تفاعلية مع الكتاب الالكتروني، والروبوتيك، والطباعة ثلاثية الأبعاد والموسيقى بإيقاعاتها السماعية ومؤثراتها الصوتية . ونحن في خضم هذه الجلبة الرقمية، التي تم التغول في استخدامها، لا بد أن نذكر مساوئ هذه التقنية التي أصبحت تهدد كيان الأسرة ومستقبل الإنسان؛ حيث بتنا في حاجة ماسة إلى معجزة إلهية تخرج الطفل من غياهب الإنترنت وتعيد للمجتمع توازنه وللعامل أمنه الوظيفي .” فصبر جميل والله المستعان ” … صدق الله العظيم.