سؤال تعوّد الجميع على طرحه عند لقاء الأصدقاء والزملاء وغيرهم، والسؤال في الأصل الاستفسار عن الوضع بشكل عام لا سيما وأن الصحة أساساً هي حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا لا مجرد انعدام المرض أو العجز حسب ما نص عليه دستور الصحة العالمية.
وبالتالي فإن أي خلل في أحد تلك الجوانب فإنه يؤدي إلى تأثر الصحة كما تؤثر فيها بعض الأمور المحيطة بحياة الفرد وما قد تشكله من ضغوط عندما تستحكم قبضتها فتنشأ حالة الاضطرابات إذا حصل الاستسلام لها من الفرد .
وبمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يوافق العاشر من شهر اكتوبر من كل عام فإننا نتمنى أن يعيش الجميع بصحة وسلامة ولعل الإجابة المعتادة على السؤال الأولي عن الصحة بكلمة بخير هي أول المفاتيح لتحقيق الصحة الجسمية والنفسية باستشعار الخير وذلك من علامات التفاؤل والاطمئنان التي تقوي الجسم والعقل وتعزز النفس وتسرّع بالخير فعلياً.
ولأن الحديث عن الصحة النفسية فإننا نشير إلى أن هناك عدة أسباب لظهور حالات المرض النفسي منها عوامل جسمية حيوية مرتبطة بالتكوين الجسمي وما يتصل به من أجهزة دموية وعصبية وغدّية وترتبط أحيانًا ببعض الأمراض المعدية والمزمنة أو بحالات الإدمان التي تؤثر على عقل الإنسان. وهناك عوامل نفسية تساهم في حدوث الاضطرابات كالحرمان النفسي والصراع والإحباط والصدمات النفسية واختلال القيم الحضارية والثقافية السائدة في المجتمع.
وعوامل أخرى بيئية اجتماعية تتعلق بالتربية الأسرية والتنشئة الاجتماعية والحالة الاقتصادية، والحقيقة أن إهمال أي من تلك العوامل قد يؤدي إلى نشوء حالات الاضطراب التي تقود لحالات نفسية غير مستقرة، ويظل من الأهمية معالجة تلك الأسباب مبكراً .. سواء ذاتية من قبل الفرد أو من قبل المحيطين به. وغالبها يستجيب للعلاج مع المتابعة لدى المختصين مع أهمية وجود محيط أسري سليم واجتماعي متفهم، وأهم من ذلك حرص الشخص على العلاج ومحاولته لإخراج نفسه من دائرة الصراع الداخلي إلى العمل الإيجابي.
وهنا تبرز قيمة التدخلات في مراحل مبكرة من قبل الأسرة والمؤسسات التربوية وغيرها بتقديم الدعم المهاري والدعم الاجتماعي والتمكين العملي والإشراك في البرامج والنشاطات وحماية الحقوق ورعاية الأفراد.
خاصة إذا أدركنا أن (الصحة النفسية ليست مجرد غياب الاضطرابات النفسية بل هي حالة من العافية يستطيع كل فرد إدراك إمكاناته الخاصة والتكيف مع حالات التوتر العادية والعمل بشكل منتج ومفيد والإسهام في خدمة مجتمعه المحلي).