وضعت المملكة على رأس أولوياتها مكافحة جريمة الإتجار بالبشر ومنع أي سلوك يتصل بها، ولما كان الإنسان هو محور رؤية 2030 فقد أكدت الرؤية على تعظيم حقوقه انطلاقاً من منظور إسلامي وأخلاقي وإنساني، فالمملكة قد اعتبرت الإتجار بالبشر جريمة لا يمكن السكوت عنها، لذا فقد اتخذت عدة إجراءات تشريعية وتنفيذية في إطار تعاونها مع المجتمع الدولي وخطة عمل الأمم المتحدة لمكافحة الإتجار بالبشر.إن مكافحة جريمة الإتجار بالبشر ليست مسؤولية الدولة وحدها بقدر ما هي مسؤولية كل المجتمع الذي ينبغي عليه أن ينسق جهوده مع الجهات المعنية في هذا الصدد، ذلك إن ثقافة الدولة وحدها هي المسؤولة عن كل ما يتصل بالهموم والقضايا، وأن نلقي على عاتقها مجابهة كل المشكلات هي بلا شك ثقافة سلبية آن لها أن تندثر من قاموسنا الثقافي والاجتماعي. وإيماناً بدور المجتمع كمؤازر للجهات المعنية للقضاء على جريمة الإتجار بالبشر، فإنني أقترح وضع خطة نتشارك فيها جميعاً للإبلاغ عن جرائم الإتجار بالبشر وتجارها والمُتاجَر بهم سواء كانت عمليات تسول أو عمل قسري أو خلافه، فالمسؤولية عن مكافحة هذه الجريمة ليست ملقاة على عاتق الدولة فحسب، وإنما هي مسؤولية الجميع من أجل الحد من ظاهرة التسول والمتاجرة بالأطفال وغيرهم وكل أنماط الاستغلال المادي الأخرى للبشر.
كما نحتاج إلى توعية شاملة من خلال مختلف أجهزة الإعلام التقليدي والإلكتروني بالمفاهيم الأساسية لهذه الجريمة من كافة أبعادها ومآلاتها وعقوبتها وغيره، حيث يمكن للإعلام أن يسلط الضوء عليها من خلال مسلسلات وبرامج إذاعية وقصص يتم نشرها في هذه الأجهزة، بالإضافة إلى تزويد المجتمع بكل المعلومات والمصطلحات المتعلقة بالإتجار بالبشر من خلال دورات تدريبية تضطلع بها الجهات المختصة على شكل محاضرات لتوعية المجتمع بها، بجانب أهمية تكاتف كافة المواطنين والمقيمين للإبلاغ عن أية حالة من حالات الإتجار أو الاستغلال المادي للبشر إلى جهة أو رقم موحد يُخصص لذلك.
إن المجرمين يعتبرون الضحايا ومجرد سلعة يمكن استخدامها لتحقيق مكاسب لهم مع ما ينطوي عليه هذا الفعل الشنيع من إهدار لحقوق الإنسان وكرامته، لذا حري بالجميع التفاعل مع جهود مكافحة هذه الجريمة وتقديم المعلومات والإبلاغ عن حالات الإتجار بالبشر، فالعالم الآن في مواجهة جريمة إنسانية بشعة تتعلق بشكل جديد من أشكال الرق والعبودية حيث إن هنالك بشراً يتاجرون ببشر لذا فقد صدرت الدعوات العالمية لحشد الطاقات وتوحيد جهود المجتمعات جنباً إلى جنب مع الجهود الحكومية لوضع حد لهذه الجريمة المخزية للعالم أجمع.
باحثة وكاتبة سعودية
@J_alnahari
