انحسر الصيف بحرارته المرتفعة وجاء الخريف بطقسه المعتدل، وأصبح الجو بديعاً يغري السكان للخروج إلى المتنزهات العامة لقضاء بعض الوقت مع الطبيعة والهواء الطلق وتناول ما لذ وطاب من التسالي والعصائر والمشويات التي تسعدهم وترفه عنهم، ولكنها في الوقت ذاته قد تسبب تلوثاً بيئياً ومنظراً كئيباً إن تركت مخلفاتها منثورة على الأرض تبعثرها القطط وتلتقطها الحشرات. لقد استشطت غضباً من منظر القمامة الذي شاهدته في إحدى الحدائق الجميلة بمدينة الرياض، حيث عجت الأرض ببقايا الطعام واللب والعلب الفارغة والمناديل الورقية المستعملة، فقد رمى مرتادوها بمخلفاتهم على العشب الأخضر للحديقة وغادروا المكان غير آبهين بما اقترفوه من تشويه للمنظر، وغير مستشعرين لما سيكلف تنظيفه من جهد ووقت ومال.
إن المحافظة على المرافق العامة سلوك حضاري، ووعي اجتماعي وعمل جاد لا يقل أهمية عن المحافظة على بيوتنا وحدائقنا المنزلية وأفراد أسرتنا، فهذه المرافق التي شيدتها الدولة هي من أجل المصلحة العامة ومن أجل تيسير حياة الناس ولا تعتبر ممتلكات خاصة يحق للإنسان الانتفاع بها كيفما شاء. وقطعاً ممنوع عليه أن يعبث بها ، ففي الحدائق والغابات يمنع قطف الزهور وكسر الأغصان وحرق الأشجار ، وفي الأزقة والطرقات تمنع الكتابة على الجدران ومخالفة نظام السير وحركة المرور ، وفي المراكز التي تقدم خدمات صحية كالمشافي والمستوصفات يمنع التعدي على أطبائها ومسعفيها ، وفي المراكز التي تقدم خدمات تعليمية كالمدارس والجامعات يمنع الاعتداء اللفظي والبدني على معلميها ومدرسيها ،
وفي مراكز الشرطة يمنع الاعتداء على رجال الأمن فيها واعتبار ذلك جريمة كبرى توجب التوقيف بسببها ، وفي مقر الوزارات والدوائر الرسمية والهيئات العامة يمنع إعاقة عمل الموظفين فيها أو الاعتداء على من ينفذون قراراتها. من واجب الفرد في المجتمع حماية هذه الممتلكات العامة وصيانتها والدفاع عن مشغليها، واعتبارها مقدسة، ومن واجب الفرد أيضاً توريث هذه الثقافة لأطفاله الذين سيحملون قيم التعاون وتقدير المصلحة المشتركة، وعلى الجهات المختصة تقع مسؤولية فرض الغرامات الكبيرة وملاحقة كل من يعبث بسلامة المرافق وينتهك الأنظمة ويخترق القوانين.
bahirahalabi@hotmail.com