اجتماعية مقالات الكتاب

النوم في العسل

في بداية عملي الوظيفي كان رئيس ادارة الشركة التي عملت فيها يقوم بزيارة المكاتب اسبوعيا دون سابق انذار .. ولكن كانت تصلنا تسريبات بأنه بدأ زيارته للمكاتب وخط سيره .. وكنت في تلك الفترة اعمل انا وبعض الزملاء في وظائف مؤقتة تحت التدريب والتجربة .. ولقد كانت هناك مقاومة شديدة من زملائنا القدامى لتدريبنا وتعريفنا بمجريات العمل .. فكنا نقضي الوقت نائمين في العسل. او نقرأ الصحف والمجلات.
وقبل وصول الرئيس الى مكتبنا كان مدير الادارة يأتي بالدفاتر المحاسبية مفتوحة امامنا متظاهرين بالعمل عليها .. وبعد ذهابه تسحب الدفاتر وترجع حليمة لعادتها القديمة ونغط في نوم عميق لدرجة الشخير وبعضنا تتحرك اجفانه في اشارة الى انه وصل الى مرحلة الاحلام

اما اليوم فان هناك الكثير من المدراء يفاجأون بأن بعض موظفيهم قابعون على مكاتبهم مغمضي العينين في حالة استرخاء تام والبعض الآخر منهم يأخذ غفوة سريعة او ما يسمى بغفوة القطط او التعسيلة غير مدركين بما يجري حولهم.
وبعد دراسة هذه الظاهرة وجد علماء الادارة ان هناك العديد من الموظفين النائمين هم منجزون ومبدعون والبعض الآخر كسالى وأداؤهم لا يرقى الى الجيد.
وبعد البحث المستفيض وجدوا أن فئة النائمين المبدعين هم يمارسون تمارين وطقوس الاسترخاء واستدعاء احلام اليقظة لحل المشكلات وابتكار افكار وأساليب جديدة في الانتاج وخدمة العملاء وزيادة المبيعات .. وهذا ما يسعى اليه رجال الاعمال والمدراء في المنشآت والمنظمات وخصوصا في زمن الأزمات ومواجهة التحديات.

لقد اثبتت الدراسات في بريطانيا .. ان الموظفين يقضون ما مقداره 780 ساعة في المتوسط يمارسون طقوس احلام اليقظة .. وهذا يساوي مقدار شهر عمل وأيضا لاحظوا ان ممارسة هذه الطقوس عادة ما تكون حوالي الساعة 11.20 صباحا وهو الوقت المناسب للاسترخاء والتأمل والسرحان لأسباب شخصية أو لأجل امور متعلقة بالعمل.

لذلك ارى ان على المؤسسات والمنشآت الحديثة ان تتبنى فكرة ألإسترخاء في المكاتب. وتدرب موظفيها على اتقان مهارات التأمل لاستجلاب احلام اليقظة .. ليس ذلك فحسب .. بل اقترح ان تولي الشركات اهمية لتصميم مكاتبها غنية بالألوان والفضاءات الخارجية التي تشاهد من الشبابيك والاسقف المرتفعة والمساحات الواسعة المفتوحة .. وان يكون هناك منطقة خاصة ومؤثثة للإسترخاء واستجلاب الاحلام والافكار .. الى جانب منطقة اخرى لممارسة النشاطات الرياضية الخفيفة.
ياخوفي سيأتي اليوم الذي سيغني المدراء لموظفيهم:
نام يا حبيبي نام .. لأدبح لك جوزين حمام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *