أتفق تماما مع دعوة البنوك السعودية للمواطنين بتحديد الهدف من الاقتراض والحاجة الأساسية التي سيوجه إليها مبلغ التمويل قبل اتخاذ قرار الاقتراض ، إذ قالت في تغريدة على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، “قبل اتخاذ قرار الاقتراض يجب تحديد الهدف من الاقتراض والحاجة الأساسية التي سيوجه إليها مبلغ التمويل”.
من وجهة نظري ، فإن هذه الرسالة التوجيهية تمثل أهمية كبرى في حياتنا الآن في ظل الظروف الراهنة التي فرضتها جائحة كورونا ، فمهما كانت دخولات الفرد من راتبه أو مصادر لقمة عيشه فإن أول عمل يجب أن يدركه تمامًا هو أنه لا مجال للمصروفات المظهرية أو كما يقال بعثرة الفلوس “هنا وهناك” ، فبالرغم من ما خلفته وتركته جائحة كورونا إلا أننا لابد أن نعترف بأننا تعلمنا الكثير من هذه الجائحة في جوانبها الصحية والاقتصادية ، ففي الجوانب الصحية تعلمنا أهمية الوقاية وتطبيق التدابير الصحية الاحترازية لمواجهة الأمراض التي تشكل الفيروسات والبكتيريا والجراثيم طرقها وعواملها الأساسية ، ومن الجوانب الاقتصادية أدركنا كيفية الإدارة المثلى للمال بمعنى صرف الريال في محله وتجنب الصرف العشوائي الذي لا يستند إلى أية أهمية أو أولوية في حياة الفرد.
أعود مجددا إلى توجيه البنوك السعودية وهو تحديد الهدف من الاقتراض ، وللأسف هناك بعض من أفراد المجتمع يلجأون إلى الاقتراض من البنوك دون أية أهداف محددة أو أولويات مرسومة تستدعي ذلك ، وكل ما يدفعهم لذلك هو مواجهة بعض الظروف التي لا تكون قاسية أو لضمان وجود سيولة مالية في الجيب وهذا الأمر بدوره يمهد للصرف العشوائي.
من المنظور الاقتصادي والمالي يقصد بالاقتراض الحصول على تمويل خارجي لتلبية الالتزامات على المدى القريب أو البعيد، وسداده خلال تاريخ استحقاق متفق عليه مسبقاً، ويتم أخذ مبلغ المال المقترض عادة مقابل نسبة محددة من الفوائد تمثل تكلفة المبلغ المالي الذي تم اقتراضه.
والقاعدة الذهبية في إدارة القرض هي تحديد أهمية هذا القرض بدراسة وروية، بحيث لا يجب التقدم للحصول على القرض إلا لضروريات محكمة مثل شراء منزل، سيارة، زواج، وغير ذلك من الأولويات الملحة.
خير ما أنصح به في حال التقدم للاقتراض من البنوك بإتباع هذه الوصايا:
– ضرورة وجود خطة للسداد، إذ إن مخطط تسديد الديون يجب أن يشكل جزءاً لا يتجزأ من الميزانية الشهرية حرصاً على تسديد الدفعات بانتظام وضمن الإطار الزمني المناسب.
– تفادي المزيد من الديون ، أي يجب عدم التورط في المزيد من الديون الأخرى لتسديد الديون الحالية، إذ يتسبب ذلك بالوقوع في حلقة ديون مفرغة تؤثر سلباً على الشخص.
– تفادي التعثر في تسديد القروض ، في حال عدم تسديد الفرد دفعة شهرية أو أكثر من القرض، يعتبر عندها متعثراً في تسديده، ويكون التعثر مرفقاً بغرامات أو شكاوي لدى الجهات المختصة تؤثر بدورها سلباً على العلاقة بالمقرض ، ويؤثر التعثر في تسديد القروض سلباً على التاريخ الائتماني للفرد ودرجته، مما يصعب عليه الحصول على تمويل مصرفي في المستقبل.
– ضرورة فصل المستحقات الشهرية الخاصة بالقرض عن المصروفات الشهرية الأخرى منذ بداية الشهر.
– كما يعد المقارنة بين عروض البنوك المختلفة من أهم الأمور، وذلك لكي يحصل الفرد في النهاية على قرض ملائم لاحتياجاته من حيث قيمة القرض، الحد الأدنى للراتب، سعر الفائدة ، مدة القرض وما إلى ذلك.
– يستحسن دائماً اقتراض المبلغ الذي بمقدور الفرد القيام بسداده بأمان ودون الكثير من الانزعاج ، وهنا يجب عليه التأكد من أنه فهم جميع الشروط والأحكام الخاصة بالقرض بشكل صحيح.
وأخيرًا .. من العوامل التي يجب على الفرد أن يضعها في عين اعتباره ” قبل أن يقترض” للاستفادة من القرض الشخصي، هو تحديد المبلغ الذي يحتاجه فعلاً وليس أكثر حتى تكون فترة السداد ضمن إطار زمني متاح له، ولا يتورط في التزامات مالية كبيرة يصعب حينها الخروج من المأزق.
والله من وراء القصد.
shahm303@hotmail.com