اصبحت السمة الغالبة على نشرات الاخبار في القنوات التلفزيونية ومن خلال اليوتيوب ومقاطع الفيديو المنقولة على وسائط التواصل الاجتماعي بكل انواعها .. اصبحت هي أخبار المعارك الجوية .. وضرب وإصابة اهداف الأعداء .. أو القابعة علي ارض المعارك .. عبر منظومة معقدة من الطائرات المحلقة في الجو .. والموجهة من قبل الرادارات على الارض .. وفي أعالي البحار .. ومن صور الاقمار الاصطناعية التي تحدد الاهداف وتتابع اصابتها بدقة متناهية ومحسومة.
هذه المنظومة المعقدة .. تتطلب قيادة فذة وقادرة علي ادارة العمليات .. الجو ارضية .. وذلك عن طريق معالجة المعلومات باحترافية عالية .. من اجل تحديد الاهداف وإعطاء الأوامر للطيارين لقصفها .. وحديثا تقوم بهذه المهمة طائرات الدرون .. بدون طيار .. والتي تتلقي اوامرها من على بعد عشرات الالوف من الاميال حول العالم .
دعونا نتساءل .. هل القيادة العسكرية في الجو تختلف عن مثيلاتها في المنظمات ومنشآت الأعمال وكرة القدم وإدارة دور السينما والمسارح وفرق العمل للنشاطات المهنية المختلفة الخ .. ؟!
تقول آخر الأبحاث التي استعرضها كل من جيم ديماريست ومارك ماجنيس في كتابهما حول قيادة الطيارين العسكريين في الجو .. أن المهمة صعبة جدا ومن السهولة الفشل فيها الا ان عامل الثقة المتبادلة بين القادة واعضاء الفريق هو العامل الاساس لنجاح قيادة الفريق الجوي وتمكينه من اصابة الاهداف.
ويقول مؤلفا الكتاب إن العسكرية علمتهما ان يكونا جزءا من أمر أو شأن كبير وعملاق أكبر من النفس ذاتها .. ألا وهو نجاح الفريق في تحقيق الهدف والنصر.
وهكذا فإنني أرى ان اي قطاع للأعمال على الارض لا يختلف كثيرا عن القطاعات العسكرية الجوية في محاور ومهارات القيادة وادارة الفريق حيث التركيز علي الهدف الاداري او التسويقي والتنافسي والذي يتطلب ان يكون القائد او المدير سيد اللحظة فيه .. ويسيطر علي خيوط اللعبة المعلوماتية والتي تتيح له مواجهة التحديات من خلال تحديد الاهداف باحترافية مهنية ومبنية علي المعلومات الدقيقة .. واقصد هنا قوة التركيز وليس التشويش الناتج عن التعامل مع اهداف مبعثرة فيها مضيعة للوقت والجهود وبالتالي تقودنا الي الفشل.
ان اولي خطوات نجاح القائد الجوي أو الأرضي هي معرفة قدراته وامكاناته ونقاط القوة والضعف والفرص المتاحة امامه وكيفية اقتحامها وتحقيق نجاحاته .. الى جانب زرع الثقة في نفوس افراد الفريق فيما بينهم من خلال الاجراءات والقرارات والتصرفات الفعلية والعملية.
وأخيرا علي القائد ان يحدد الهدف لفريقه وان يوفر لهم الامكانات المادية والتكنولوجية والاعتبارات الانسانية وتركهم يسلكون الطريق لتحقيق الهدف.