الدولية

الزينبيات رمز القمع والفساد

البلاد – محمد عمر

تعتمد الميليشيا الحوثية الانقلابية، ذراع إيران في اليمن، في سبيل إحكام قبضتها على مناطق سيطرتها، على مسارين يتمثلان في: “تزييف الوعي وتفخيخ الأدمغة عبر ترويج وتأصيل دعاية مضللة محرضة على العنصرية والكراهية والعنف، وقمع المجتمع وإرهاب كل من يناوئ أو يعارض التوجهات الحوثية الضالة”، وقلة من قيادات الميليشيا جمعت بين النهجين الإجراميين، من أبرزهم هدى العماد الأكاديمية في جامعة صنعاء وقائدة الفرع النسائي للميليشيا “الزينبيات” في العاصمة المختطفة.

وتلعب “العماد” دورًا محوريًا في قمع اليمنيات ووأد حقوقهن الإنسانية، منتهكة الأعراف الاجتماعية اليمنية والموروث الهائل الذي يُعلي من مكانة وقيمة المرأة، عبر تسويق فكر الميليشيا خاصة في الجامعة والمنتديات العلمية والثقاقية، وضم الفتيات والسيدات لصفوف لواء الزينبيات الذي يعد نسخة حوثية لميليشيا نسائية إيرانية أنشأتها “مرضية دباغ” استجابة لدعوة الخوميني بضرورة تجنيد النساء من أجل الدفاع والقتال ضد من زعم أنهم “الأعداء”، بعد الخسائر المتتالية التي مُني بها الجيش الإيراني في حرب الخليج الأولى ضد العراق، وقامت “ميليشيا دباغ” بقمع الإيرانيات وأحكمت قبضة النظام الأمنية على المجتمع، وألحقت النساء بقوات التعبئة العامة “الباسيج” حتى بلغ عددهن حوالي 4 ملايين امرأة، بحسب مصادر حكومية، وكان لأخوات الباسيج دورًا كبيرًا في قمع المظاهرات التي تندلع في البلاد من حين لآخر، خاصةً مُظاهرات 2009 و 2017، الأمر الذي تعمل الزينبيات على استنساخه في اليمن.

وشاركت “العماد” في تأسيس لواء الزينبيات في المناطق الخاصة بالحوثيين كجبال مران وصعدة شمال اليمن في 2014 – قبل اختطاف الحوثيين لصنعاء، وكانت مهمته السيطرة الأمنية في تلك المناطق بعد خلوها من الحوثيين الذين كانوا في طريقهم لصنعاء، وامتد نشاط اللواء ليشمل العاصمة والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها الميليشيا.
ووثّق تقرير لجنة الخبراء الدوليين المرفوع لمجلس الأمن، الصادر في مايو الماضي، الانتهاكات التي ارتكبتها “الزينبيات”، مشمولة بالاعتقال والاحتجاز التعسفي للنساء والنهب والاعتداء الجنسي والضرب والتعذيب، وتسهيل عمليات الاغتصاب في مراكز الاحتجاز السرية.

وفي سياق استهدافها المتكرر للنساء، مضت الميليشيا الحوثية الانقلابية في تشكيل فصيل نسوي جديد يُسمى “الفاطميات”، الذي يتركز عمله في التحريض والتلقين والشحن الطائفي عبر إلقاء محاضرات ودروس ودورات للنساء والفتيات، سواءً في المساجد أو في منازل المواطنين والقاعات العامة كالمدارس وتجمعات الاحتفالات التي تقيمها الميليشيا.
وتهدف الميليشيا من وراء هذا التشكيل إلى تخفيف العبء عن الزينبيات وإسناد مهام التعبئة الفكرية والاستدراج الناعم في أوساط النساء إلى الفصيل الجديد، والإبقاء على وظيفة الزينبيات في نطاق الأعمال القمعية والقتالية والتجسسية.

وتسعى الميليشيا الحوثية إلى استقطاب نحو ألفي عنصر جديد من النساء من أحياء متفرقة في صنعاء من شريحة المتعلمات ليتم تدريبهن وإخضاعهن لدورات مكثفة ليقمن فيما بعد باستقطاب اليمنيات وإقناعهن باعتناق الأفكار والأهداف الحوثية التخريبية.

ولم تكتف هدى العماد بتضليل وقمع اليمنيات، بل جمعت ثروات هائلة خلال سنوات من النهب مستغلة نفوذها في سلطة الحوثيين، إذ تمتلك عددًا من الشركات والمعامل، أبرزها معمل رائدات للصناعات الغذائية والمنظفات والخياطة، والذي يحمل ترخيص برقم 958، إضافة إلى تأسيسها أربعة شركات تجارية أخرى بالأرقام “47379/2، 2/47380، 2/47377، ن/ 1379)، إضافة لمولات وأراضي وعقارات في أرقى مناطق صنعاء. ويمتلك شقيقا هدى العماد (محمد وعلي) شركات ومصانع ومحلات تجارية ومؤسسات إعلامية وعقارات، ويعد الثراء الفاحش الذي حصلت عليه أسرة “آل العماد” جزءًا بسيطا ومثالًا حيا لإثراء الميليشيا الحوثية والمنتمين لها من نهب ممتلكات اليمنيين، والسطو على المحال التجارية، وسلب الإتاوات بالقوة، ما يفسر تحول آلاف الحوثيين من فقراء معدمين إلى أثرياء، في حين، يتضور الشعب جوعًا ويشكو موظفو الدولة من العوز وانقطاع الرواتب. وقال الكاتب الصحفي اليمني أحمد الصباحي، إن نشاط الزينبيات الإجرامي متشعب ويتضمن التجسس على سياسيين وإعلاميين معارضين ورجال أعمال، والإيقاع بهم وابتزازهم بعد توريطهم في ممارسات غير أخلاقية، فضلًا عن زرع العبوات الناسفة والألغام في مناطق لا يُشك فيها بامرأة كما حدث في مأرب،

لافتًا إلى زرع زينبيات وسط المنظمات الحقوقية بصفة ناشطات، لمراقبة عمل المنظمات من الداخل واستخدامها لتحقيق أهداف حوثية خالصة. وأشارت الناشطة الحقوقية ابتسام أبودنيا، إلى تجنيد الزينبيات للفتيات بشتى الطرق وفي مختلف المجالات، عبر جهاز استخباراتي كبير بقيادة هدى العماد، بهدف استخدامهن في قمع المعارضات واقتحام البيوت والاعتقالات والتعذيب، مضيفة أن الزينبيات يمارسن أيضًا أدوارًا مشينة ضد زعماء قبائل وسياسيين معارضين، بطرق خسيسة وصلت حد التلصص في مجالس الحريم وتصوير السيدات وابتزاز أهاليهن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *