جدة ــ ياسر بن يوسف
أطلقت شركة مانجا للإنتاج التابعة لمؤسسة محمد بن سلمان (مسك) الخيرية خلال الأيام الماضية فيديو (العوجا) بمناسبة اليوم الوطني الـ90 للمملكة, ويعرض الفيديو لأول مرة قادة الدولة السعودية الأولى وأبطالاً من التاريخ السعودي الذين كان لهم الفضل بعد الله في التأسيس والتوحيد منذ عام 1157هـ/ 1744م.
وتمَّ رسم الشخصيات وإنتاجها عن طريق كفاءات وطنية في شركة مانجا للإنتاج بالشراكة مع دارة الملك عبدالعزيز التي تولت المراجعة والتدقيق الشامل. ويستعرض الفيديو لمحة سريعة عن الأحداث التاريخية التي حدثت في الدولة السعودية الأولى ويرافق الفيديو أغنية وطنية. (البلاد) حملت ملف الرسوم المتحركة والتقت عددا من المخرجين والشباب من هواة مزج التراث بالواقع وتقديمه في قوالب مشوقة وتعريف العالم بالثقافة السعودية فأكدوا أن الرسوم المتحركة رغم أنها مجرد شخصيات من كرتون لكنها تسكن في الذاكرة الجمعية للأفراد، وتعيش فيها متربعة على عرش الذكريات الجميلة للطفولة.
فما أن تذكر أمام أصدقائك اسم شخصية منها حتى تكاد تلمح شفاههم تنشد أغنية البداية، لافتين إلى أن شركة مانجا دعمت المواهب السعودية مُنذ تأسيسها وعززت دورهم في صناعة التاريخ السعودي، مؤكدة أنه منذ فترة طويلة استهوى عالم أفلام الرسوم المتحركة كثيراً من الفئات العمرية في المملكة لا سيما الشباب والأطفال، وأضافوا أن دائرة الاهتمام بمجال “الإنميشن”، تتسع يوميا من قبل الكثير من الموهوبين حيث يعمل عدد كبير من الشباب والفتيات بأنامل إبداعية لنقل الثقافة والتراث السعودي عبر هذا النوع من الفنون إلى العالم بطريقة ممنهجة وجاذبة، تتمثل في رسوم متحركة عن الأبطال الملهمين وصناع التاريخ والتي تعيش في الوعي الجمعي لأفراد المجتمع، ومنذ انطلاق الرؤية المستقبلية والتوسع في جانب تطوير منظومة التعليم المؤسسي وإسهام القطاعين الخاص والخيري بادرت مؤسسة محمد بن سلمان ” مسك ” الخيرية في تبني برامج تهتم بهذا القطاع إلى جانب استثمار الطاقات المهدرة في توجيه الأعمال الفنية للتعريف بثقافة المملكة والتوسع في هذا المجال لتقدم مؤخراً أعمالاً تلامس ذائقة محبي “الأنميشن”.
تجسيد فني
وأضافوا أن أبطال بلادنا الملهمين وتاريخنا الحافل جديرون بالاحتفاء والتعريف بهم من خلال التجسيد الفني اللائق لمسيرة البناء العظيمة التي تتواصل في المملكة.
في البداية أوضح الناقد الفني وائل سعود العتيبي بقوله لابدّ من التذكير بأن مرحلة طفولة معظم الأطفال العرب، تفتحت عقولها على الرسوم المتحركة ورغم أن المهتمين في عالم الانمي يعلم التصنيف العمري لتلك الافلام والنوعيات ، فالنظرة الأولى لغير المتخصص تقول إنها تجذب الاطفال كونها أخرجت خصيصا لهم، فهي تحوي رسومات في غاية الابداع ومضامين ترفيهية وخيالية مشوقة، لكنها في واقع الحال تدخل حيز اهتمام فئة الشباب والبالغين، وفي المملكة فإن عالم الإنمي يكتسب شعبية كبيرة لدى الشباب ونجد أن هناك مبدعين كثيرين في هذا المجال تمكنوا من إطلاق مواهبهم لتجسيد شخصيات لنقل الثقافة السعودية للآخر واضاف وائل ان المانجا (أو المانغا) هو الفن الذي تُقتبس عنه الأنميات في الأغلب. حيث تقتبس من العديد من المصادر، ومنها المانجا. وببساطة هي الفن الذي يشبه الكوميكس الأمريكية، إلا أنه بدأ قبلها بسنين طويلة جدًا. واعتمدت على الأبيض والأسود في سرد القصص الحياتية، سواء كانت واقعية أو خيالية. وأخذ في التطور حتى وصل إلى الصورة التي هو عليها هذه الأيام.
مخاطبة الوجدان
أما “أحمد حداد” فنان وكاتب، يقول إن الإنمي هو الفن الذي يسد الفراغ بين الواقع والخيال، يستطيع أن يمتد لأقصى درجات الواقعية ويتطرف لأقصى غياهب الخيال، لذا فإن الأنمي يعطي للكاتب و المنتج حرية لا يجدها في أغلب الوسائل الأخرى.
وبالتالي، يناسب هذا الفن شريحة أكبر من الناس، ويستطيع العمل الواحد أن يخاطب الكبير والصغير في نفس اللحظة فهو يستقطب ويفعل الطاقات الشبابية بمختلف مستوياتها. وكل ما يحتاجه الفرد الذي يرغب أن يحترف جزءاً من أجزاء إنتاج الأنمي هو جهد وإصرار وتمرين.
واضاف الحداد بقوله شخصيًا، لافتا إلى إنه وعدد كبير من الشباب حصلوا على المركز الأول في جائزة الأمير خالد الفيصل للاعتدال. وقمنا بإنتاج قصص مصورة بأبطال وقدوات من حاضرنا وبيئتنا المحلية. وهذا أحد أعظم مقاصد الأنمي وهو صناعة قدوة يحتذى به لجيل كامل، فالأنمي ذا تأثير عالٍ جدًا ونستطيع أن نرى ذلك بوضوح في جيل الكابتن ماجد.
قصة وشخصيات
واتفق الكاتب عبدالله عرابي بقوله في الإنمي المساحة أوسع للمخرج والكاتب ان يستعرض فكرته ويقدمها كما يريد بعيداً عن معضلة اختيار ممثل مناسب او مشاهد تصويرية ممكنة. وهو فن لا يقل أهمية عن باقي الفنون المرئية..ويعتمد بالدرجة الأولى على القصة والشخصيات.. وكل قصة تحمل فكرة خاصة. وجميعاً نعرف مدى أهمية القصص في حياة الانسان عبر التاريخ وما الذي قدمته.
وأكد عرابي أن هناك الكثير من الأنميات موجهة للكبار ولما هم فوق سن ١٨، رغم ان البعض يظن أن الانمي موجه للاطفال او فئة عمرية صغيرة. وهذه الصورة النمطية خاطئة تماماً. نظراً للافكار العميقة والمعقدة التي يقدمها ذلك الانمي. وسبر اغوار النفس البشرية عبر الشخصيات. كما ان الانمي صناعة مهمة تمثل جزءا كبيرا من اقتصاد اليابان. فآخر الاحصائيات وصلت ايرادات الانمي في اليابان فقط ما يقارب الملياري دولار عدا باقي دول العالم.
أبطال ملهمون
وقالت الرسامة فاطمة العواد المهتمة بالرسوم المتحركة أن لمؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز “مسك الخيرية ” دور حيوي في إنتاج أفلام أنيمشن ورسوم متحركة سعودية، وذلك من خلال شركة “مانجا” للإنتاج التابعة لها، إذ استقطبت أخيرا المخرج الياباني العالمي “كوبون شيزونو”، مخرج مسلسل “المحقق كونان”، للعمل السينمائي المقبل بالرسوم المتحركة المشترك بين شركة “مانجا” وشركة “توئي أنيميشن” اليابانية ، لافتة إلى أن هناك شبابا مبدعين ينقلون ثقافتنا وتراثنا للخارج عبر الرسوم المتحركة حيث انهم يبدعون في مثل هذه الأفلام وينتجون افلاما عن ابطالنا الملهمين.
توثيق تاريخ المملكة
يذكر أن الرئيس التنفيذي لشركة مانجا الدكتور عصام البخاري, سبق وأن أوضح أن رواية التاريخ في العالم العربي بعد مشروع فيديو العوجا ستختلف تماما عن رواية التاريخ قبل العوجا، والأسماء التي لم يكن الأطفال يعرفونها إلا نصوصا في كتب التاريخ وسوف يرونها أمامهم، سوف يستشعرون عظمتها وتضحياتها، ليسيروا على نهجها في خدمة الدين ثم الملك والوطن” ومن المخطط الاستفادة من مخرجات المشروع في المتاحف الوطنية والمطبوعات العلمية والتعليمية ذات العلاقة بتاريخ المملكة
يذكر أنَّ هذا المشروع الكبير نتاج قيادة عظيمة وعت التاريخ وفكرت في الوطن وشبابه ومستقبله، عاداً توقيع دارة الملك عبدالعزيز مع شركة مانجا خطوة نوعية في تقريب التاريخ الوطني للشباب”.
وتهدف هذه الشراكة إلى إنتاج مشروع يوثق تاريخ الدولة السعودية عبر القصص المصورة (المانجا) والرسوم المتحركة وتوثيق الشخصيات التاريخية والأحداث التي كونت تاريخ المملكة العربية السعودية الأولى إلى تاريخنا المعاصر، وعرضها في قالب شائق وجذاب موجه للأجيال الصاعدة والقادمة بهدف تثقيفها وتعريفها بالتضحيات والبطولات التي بُذلت لنصل إلى ما نحن فيه من خير وسلام. ومن المخطط أيضا أن يتم الإنتاج بالتعاون مع كبرى الشركات في اليابان في هذه المجالات لنشر التاريخ السعودي الأصيل والمُلهم للعالم.