البلاد – مها العواودة
حالة من القلق باتت تسيطر على اللبنانيين بعد اعتذار رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب عن مهمة تشكيل حكومة الإصلاحات التي دفعت بها فرنسا قبل أسابيع في محاولة للتخفيف من معاناة لبنان المثقل بالأزمات، خاصة أن إعلان بيان الاعتذار الذي جاء بسبب تعنت الثنائي الإرهابي “حزب الله، وحركة أمل” وإجهاضه للمبادرة الفرنسية، رافقه صعود في سعر صرف الدولار الذي يشهد حالة غليان منذ أشهر.
وقال مسؤولون وسياسيون لـ”البلاد”، إن لبنان سيعيش أياما مأساوية غير مسبوقة في ظل الفراغ الذي دخل فيه البلد بعد اعتذار أديب وخسارة فرصة النهوض، ولن يشهد ولادة حكومة جديدة قبل الانتخابات الأمريكية المزمع عقدها نوفمبر القادم، داعين إلى ضرورة أن تبدأ أي مبادرة جديدة بحلول جذرية تريح لبنان من الهيمنة الإيرانية، وذلك بنزع سلاح حزب الله وتطبيق الدستور وقرار 1559.
وأكد السياسي اللبناني توفيق الهندي، أن لبنان سيبقى بلا حكومة حتى إجراء الانتخابات الأمريكية وهو ما تريده إيران، لتحقيق المزيد من سطوة حزب الله وإمساكه بكل مؤسسات وأجهزة الدولة اللبنانية، فهو يريد أن تبقى حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب، ويخشى من حكومة اختصاصيين تلتزم بالمبادرة الفرنسية فحينها سيفرض صندوق النقد الدولي على لبنان مراقبة الحدود وضبط المهربين، وحرمان حزب الله من السلاح، لافتاً إلى أن اعتذار أديب أغرق اللبنانيين في مزيد من الأزمات حيث سيشهد المواطن ارتفاعا في الدولار وخرابا اقتصاديا وماليا.
واستطر قائلاً: “إيران تعول على نتائج الانتخابات الأمريكية في نوفمبر القادم وفوز بايدن لتصبح لبنان جزءا من إيران، بينما في حال فوز ترامب يخطط حزب الله لتأزيم الوضع في لبنان لمزيد من الدمار والخراب، لذلك فمصير لبنان يتوقف على نزع سلاح حزب الله بأية وسيلة وتنفيذ القرار 1559 لخلاص لبنان من الهيمنة الإيرانية”.
ويرى الخبير الاقتصادي ألبير كوستانيان، أن لبنان دخل مع اعتذار أديب في مرحلة خطيرة جداً ستمتد إلى الانتخابات الأمريكية، وسيرافقها مزيدا من التدهور الاقتصادي والمالي وارتفاع نسبة الفقر بين اللبنانيين وتردي أوضاعهم المعيشية بشكل أكبر، بينما قال المحلل السياسي بشارة خير الله: “فريق الممانعة في لبنان لا يريد ولادة حكومة جديدة قبل إجراء الانتخابات الأمريكية، وحتى ذلك الحين سيشهد لبنان تعمقاً في الأزمات التي ستزيد من معاناة اللبنانيين”، مشيراً إلى أن تشكيل حكومة إصلاحات بات ضرورة ملحة لكن من دون تنازلات أو تجاوزات للدستور، رافضا تكريس الوزارات للطوائف. وأكد أن إفشال بعض الأطراف السياسية لمبادرة ماكرون جاء سعياً منها للاستمرار في حكومة تصريف الأعمال لتأمين مصالح خاصة على حساب المصلحة اللبنانية، وفي ذلك رغبة حزب الله لتغليب المصلحة الإيرانية على مصلحة لبنان العليا.
من جهته، أكد السياسي اللبناني نوفل ضو، أن أية مبادرة جديدة لضمان نجاحها وإنقاذ لبنان لابد أن تبدأ بنزع سلاح حزب الله. وتابع “العلاج يبدأ بنزع سلاح حزب الله ورفع اليد الإيرانية عن مؤسسات الدولة وتحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإيراني، ودون ذلك مضيعة للوقت وغرق في الأزمات”. ويرى ضو، ضرورة اقتران تشكيل الحكومة الجديدة بإعلان واضح وصريح عن إعادة النظر في السياسة الخارجية المفروضة على لبنان، ووقف السياسات والتصرفات العدائية ضد العرب والعالم التي تنطلق من لبنان، وإعادة تموضع بيروت في قلب العالم العربي والشرعية الدولية بعيداً عن منظومة الدول الفاشلة والمارقة التي تسعى إيران لضم لبنان إليها، مبينا أن المشكلة في لبنان ليست مشكلة دستورية، بل هي مشكلة احتلال إيراني يعطل الدستور من خلال سلاح “حزب الله”.
إلى ذلك، حذرت الإعلامية اللبنانية ماريا معلوف، من خطورة الأوضاع في لبنان الذي انزلق نحو الهاوية مع اعتذار أديب عن تأليف الحكومة، مؤكدة أن ذلك سيدفع وبقوة تجاه هجرة الشباب والكفاءات خارج لبنان، مشيرة إلى أن اعتذار أديب غير المفاجئ وصمت الرئيس عون على تعنت الثنائي يثير المخاوف بمستقبل لبنان مع استمرار سيطرة وتحكم “حزب الله” و”حركة أمل” بمفاصل الدولة اللبنانية وقرارها السياسي. ولفتت إلى أن تعطيل تشكيل الحكومة من قبل “حزب الله” جاء من أجل حفاظ الحزب على مكاسبه في الوزارات التي تذهب مواردها إلى تمويل حروبه الخارجية تنفيذاً لسياسة ولاية الفقيه.
وأكدت أن الدولة اللبنانية بحاجة إلى نزع سلاح حزب الله والخلاص من الهيمنة الإيرانية وذلك بالقوة الدولية، عندها يعود لبنان إلى بيئته العربية وسيتم مساعدته من قبل الدول الحريصة على سيادته والتي تكافح الإرهاب الإيراني.