اجتماعية مقالات الكتاب

السيدات والتستر التجاري

للسجل التجاري دور مهم في انجازات المعاملات التجارية ، إذ يمثل حجر الأساس الذي تبنى عليه أية شركة، فهو قاعدة البيانات لأي شركة عند تأسيسها والذي يحتوي على معلومات أساسية عن الشركة مثل تصنيف الشركة وقطاع الصناعة والعنوان والمنتجات والخدمات المقدمة والمديرين ويعتبر الرخصة التي تسمح لها للعمل في بلد أو منطقة.

والواقع .. وقفت متعجباً أمام تصريح المتحدث باسم وزارة التجارة عبدالرحمن الحسين، بأن 40 % من جرائم التستر التجاري تتورط فيها سيدات لا يعلمن ما يحدث في سجلاتهن التجارية ، وأن المتستر عليه يحصل على سجل تجاري باسم المواطنة دون علمها ولا تعلم مَن يبرم العقود ومَن يتعامل معها، داعياً إلى ضرورة التأكد من طبيعة التعاملات التجارية والحرص فيها، ولا بد على كل مَن يصدر له سجل تجاري أن يباشر عمله بنفسه، وأن يكون على اطلاع بكل تفاصيل العقود والعمليات التجارية والشيكات، والعمالة في المنشأة.

أتفق تماماً مع كل ما جاء في التصريح ومضامينه ، ولكن السؤال الذي يدور في ذهني ، لماذا 40 % من جرائم التستر التجاري تتورط فيها السيدات؟ فهذه النسبة عالية جداً ودلالة على وجود خلل ما في فهم أهمية هذا السجل.
فهل ما يحدث لدى الـ٤٠٪ هو بسبب الطيبة المسبوقة بحسن النية ؟ أم بسبب جهلهن للأنظمة التجارية ؟ أم لأسباب أخرى تدخل فيها العلاقات الأسرية والقرابة أو المعرفة وما شابه ذلك ؟ وهذا الواقع بلاشك مؤلم يترتب عليه الكثير من المشاكل التي لا يحمد عقباها ، إذ يقف التستر التجاري أو ما يعرف بـ”اقتصاد الظل”عقبة أمام تنمية اقتصادنا الوطني وأمنه، ويعتبر فخا ينصبه الانتهازيون لتحقيق مصالحهم الخاصة دون المبالاة بالعواقب الوخيمة المترتبة عليه.

وبين حين وآخر نقرأ قصص التستر التجاري في الصحف والمواقع الإلكترونية والتي ترصدها وزارة التجارة والعقوبات المنصوصة للطرفين السعودي والأجنبي ، فنظام مكافحة التستر الجديد في السعودية مكّن الجهات ذات العلاقة بتطبيق النظام، من ضبط الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في النظام من خلال تعيين موظفين لهم صفة الضبط الجنائي بقرار من الوزير بعد موافقة جهاتهم.
وحتى لا يقع الفرد فريسة وضحية للتستر التجاري فإن عليه معرفة كل صغيرة وكبيرة عن سجله حتى لا يكون موضع استغلال حتى لو كان بـ”حسن نية”، وكم من ضحية وقع في الفخ بسبب أنه منح “اسمه” للآخرين مقابل شيء من المال يصله شهرياً ، فيما يستغل المتستر عليه طيبة وجهل المتستر والثغرات فيجني شهرياً أضعاف الأضعاف.

وتبذل الدولة جهوداً حثيثة للتغلب على ظاهرة التستر التجاري، ابتداءً من الحملات التوعوية والتعريف بخطر التستر، ووصولاً إلى إلقاء القبض على المتسترين وسن العقوبات وتغليظها، للتخفيف من هذه الظاهرة، والحفاظ على أمن الوطن، وحماية المستهلك، والمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني.
وأخيراً.. لابد من استمرار جهود وحملات التوعوية ولو كانت عبر رسائل قصيرة تصل إلى أصحاب السجلات التجارية ومن يرغب في استخراجها -مستقبلاً- تتضمن النصائح والارشادات ليكون ملماً ومسؤولا عن سجله ولا يكون عرضة للمساءلة القانونية، بجانب العمل على تحقيق تطلعات رؤية 2030 الطموحة بالتعاون والشراكة في تحمل المسؤولية، والوصول بالاقتصاد السعودي ليكون واحداً من أكبر اقتصادات العالم، ولتوجيه دفة السوق التجاري إلى طريقها الصحيح.
والله من وراء القصد
shahm303@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *