متابعات

الرؤية الطموحة مهدت الطريق للتحول الرقمي

أبها- مرعي عسيري

أسهمت التطورات التقنية المتسارعة في بروز ثقافة جديدة اكسبت سوق العمل المزيد من المرونة في مواجهة التحديات من خلال أداء الوظائف عن بعد دون الحضور إلى مقرات العمل ومنذ وقت مبكر فطنت المملكة لهذا التطور محققة قفزات نوعية لتسريع التحول الرقمي وتبني أنظمة الاتصالات وتقنية المعلومات وتفعيل استخداماتها للوصول إلى مستهدفات الرؤية الطموحة في مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح ، وذلك من خلال تطوير العمل الحكومي، ونشر مفهوم التعاملات الإلكترونية في الجهات الحكومية المختلفة؛ لتكون نموذجًا رقميًا يحقق الاستدامة الاقتصادية والريادة العالمية، ويحسن من جودة الحياة.
وتبنت المملكة إستراتيجيات وطنية للتحول الرقمي وخطط واعدة وطموحة، لتحقيق التميز في الأداء الحكومي، وتعزيز الممكنات الاقتصادية، والارتقاء بمستوى الخدمات المعيشية، بتسريع وتيرة تنفيذ مشاريع البنية التحتية الأساسية والرقمية، وإشراك المستفيدين في التعرف على التحديات وابتكار الحلول.

وأكد عدد من الأكاديميين والمختصين والمثقفين لـ (البلاد) أن جائحة كورونا أتاحت للمملكة أن تبرهن للعالم جدارتها بأن تكون في مقدمة الدول العشرين العظمى بتحولها السريع للتعليم عن بُعد مشيرين إلى الجوانب الإيجابية لتجربة التعليم الإلكتروني خلال الأزمة ومن أبرزها التجاوب السريع مع الواقع والتفاعل وابتكار الحلول والتخطيط والتعاون المشترك ووضع السياسات وقواعد العمل وتطوير نمط التعليم وأسلوب التعلّم،إلى جانب توفر البدائل .

واوضحوا أن وسائل التقنية والعمل عن بعد حققت نجاحاً كبيراً بدعم من الحكومة الرشيدة التي وفقت في التعامل مع الجائحة بالإضافة إلى الاستعداد التقني للطلاب مما سيؤدي إلى دمج فعلي للتقنية في العملية التعليمية، وانتقال مسؤولية التعلّم من المدرّس إلى الطلاب، ليتحول دور المدرس إلى الإرشاد والدعم. وقال الدكتور احمد علي ال مريع عميد كلية خدمة المجتمع بجامعة الملك خالد ورئيس نادي أبها الأدبي :” نبدأ من النادي الأدبي فقد توقعنا بداية أننا سنقف مكتوفي الأيدي خاصاً أن جمهورنا المثقف تعود على فعاليات أسبوعية وبعد التشاور مع مجلس الإدارة وبعض التقنيين توصلنا للتعامل مع خدمتي زوم وقناة النادي على اليوتيوب وبصراحة حققنا إنجازاً بإقامة أكثر من نشاط وتعدينا محيط الوطن واستضفنا ضيوفاً من دول الخليج والدول العربية وأساتذة سعوديين من بريطانيا واتيحت الفرصة للمداخلات من مناطق المملكة ومن خارجها.
وأضاف الدكتور غيثان أن من الجوانب الإيجابية لهذه التجربة تطوير نمط التعليم وأسلوب التعلّم، واتضح ذلك من خلال إسهام التعليم الإلكتروني في توفير التعليم للطلاب طوال اليوم دون انقطاع، وإتاحة التعليم الإلكتروني لكل متعلم بالسير في المقرر الدراسي الإلكتروني وفق قدراته ومهاراته، وكذلك ما يتيحه التعلم الإلكتروني من تفاعل مستمر بين الأستاذ والطالب، وبين الطلاب بعضهم بعضًا، هذا التفاعل الذي يفوق الاتصال التقليدي بالقاعة والذي يكون محدودًا ومقيدًا بالزمان والمكان.

وقال احمد إبراهيم السروي مدير جمعية الثقافة والفنون بأبها:”وجدنا انفسنا في هذه الجائحة نبحث عن مخرج حتى لا نتوقف ونبقى مكتوفي الأيدي فتوصلنا إلى خدمة زوم وغيرها فاقمنا من خلال اقسام الجمعية مع الجنسين فعاليات مميزة ونشاط معارض بالتواصل مع الفنانين وها نحن في اليوم الوطني 90 نقدم فعاليات كثيره لكل الفئات وقد تواصلنا مع مثقفين ومثقفات وفنانين وفنانات في المجال التشكيلي والمسرحي كان يصعب علينا سابقاً أحضارهم لمدينة أبها للتكلفة المادية ولكن توصلنا اليهم عن بعد وحتى من دول الخليج وحظينا بمتابعين كثر”.

من جانبه أشار المهندس رائد محفوظ من شركة ارامكو إلى أن جائحة كورونا أجبرت العالم على التحول للعالم الافتراضي، سواء في العمل أو التعليم أو التجارة، ولم يكن مستعدًا لهذا العدد وبهذه الطريقة المفاجئة والسريعة، وقد تفاوتت نسب نجاح في التعامل معها مشيداً بقدرة الجامعات على التجاوب السريع، والتفاعل وابتكار الحلول، وأوضح أن هذه نقطة تحسب لجامعاتنا وتعليمنا، فقد بادرت الجامعات بابتكار الحلول المختلفة لاستمرار العملية التعليمية كلٌ بحسب قدراته، مضيفًا أن المهم دائمًا هو الخروج من كل تحدٍ باستعداد أكبر، ولذا يطل السؤال عن ما الذي نستطيع عمله للتعامل مع تحديات أخرى مشابهة؟ وأنه لا بديل من وجود منصات وطنية، بمحتوى قادر على أن يكون بديلاً دائماً لطلابنا، وربما لطلاب العالم.

وتطرق الدكتور صالح أبو عراد من قسم البحوث التربوية بجامعة الملك خالد إلى توفر البدائل التي مكنت من مواصلة الدراسة في مختلف المراحل حيث حققت وسائل التقنية والعمل عن بعد نجاحاً كبيراً كما أن الحكومة الرشيدة وفقت في التعامل مع الجائحة صحياً واجتماعياً وتقنياً وكان للجامعات لها قصب السبق في هذا المجال ولحق بذلك التعليم العام ومعالجة وزارة التعليم للقصور من خلال منصة مدرستي وقناة عين.
وأضاف:” أيضاً لا نتحدث عن التعليم فقط فكثير من الدوائر الحكومية كانت مهيئة ومنصاتها جاهزة وانجزت الكثير ومنها إمارات المناطق والأمانات والمحاكم وغيرها بل أن التطور مستمر وحتى التعامل عن بعد خفف من ازدحام الشوارع لأن من له مصلحة يستطيع تقنياً إنجازها”.

أما الدكتور صالح الحمادي فقال:” إن هناك تفاوتًا بين الجامعات في الاستفادة من التعليم الإلكتروني في هذه الفترة. فمنها من لم يتأثر سير العملية التعليمية فيها بشكل كبير، ومنها من حاول تدارك الموقف والسبب في هذا التفاوت يرجع لمدى استثمار الجامعات في التعليم الإلكتروني قبل الجائحة؛ فبعض الجامعات تدعم وتطبق التعليم الإلكتروني بالطرق الصحيحة مع مراعاة نظريات التعلّم الإلكتروني واحتياجات المتعلّم الذي يتلقى المادة العلمية خلف الشاشة، ولكن البعض الآخر كان يستخدم التعليم الإلكتروني والخدمات المقدمة منه بوصفها وسيلة لرفع الملفات وتوصيلها للطالب، أو يعتبرها مجرد منصة لمشاهدة محاضرة لمدة 50 دقيقة”.
وأضاف أن هذه الجائحة سوف تغير مسار التعليم الجامعي التقليدي القائم على المحاضر والقاعة والتلقين إلى دمج فعلي للتقنية في العملية التعليمية، وانتقال مسؤولية التعلّم من المدرّس إلى الطلاب، ليتحول دور المدرس إلى الإرشاد والدعم. وهذا سيؤدي لخلق جيل جديد ذاتي التعلم قادر على التطور الوظيفي والحياتي.

ووصفت الدكتورة أريج احمد الشهراني تجربة التعليم عن بعد بالجيدة رغم أن بدايتها افتقدت إلى قدر من الانضباط ثم ظهرت جدية الطالبات بالتواجد قبل الوقت المحدد للمحاضرة واستمرار متابعتهن مما يدلل على أن التجربة ماتعة وتحول كبير زرع الثقة مابين المرسل والمتلقي وحتى نتائج الاختبارات كانت ممتازة وهذا لا ينفي أهمية قاعة المحاضرات و الحضور واكتساب الخبرات من الطلاب والطالبات وحتى بين اعضاء هيئة التدريس. وتناول عبد الله سليمان مستشار تعليم عسير الآفاق الواسعة التي أتاحتها الجائحة للاطلاع على تجربة التحول للتعليم عن بُعد من عدة نواحي، كما أتاحت للمملكة أن تبرهن للعالم جدارتها بأن تكون في مقدمة الدول العشرين العظمى، وذلك بالتحول السريع للتعليم عن بُعد لأكثر من 5 ملايين طالب، واستمرار العملية التعليمية؛ مما يدل على قوة الجاهزية التقنية والبشرية للمملكة والاستعداد التقني لطلابها، والذين هم وقود رؤية 2030.

وبين خريج القانون والمتجه للمحاماة فارس بندر العاصمي أنه مع بداية الجائحة وتوقف الدارسة استطاعت جامعة الملك خالد ربط طلابها مع أساتذتها مما مكنه من إكمال ساعات التخرج لتتفاجأ أسرته بتخرجه مشيراً إلى أنه من خلال مروره على كثير من مكاتب المحاماة لمس إنجازاً للعديد من القضايا مؤكداً التوسع المستمر في مجال الحكومة الإكترونية.

من جانب آخر أقر موسى علي العزاني المدير التنفيذي لشركات المياه بالرياض أن التعامل عن بعد إنجاز كبير وبدون توقف موضحا تجربته بتواجده في أبها وإنجازه لأعماله الموكلة له في الرياض عن بعد وهي ضرورة فرضها واقع الحال مشيراً إلى نجاح الحكومة الرشيدة في التعامل معها على مستوى مجلس الوزراء ومجلس الشورى ومجالس المناطق والبلديات وغيرها. أما رجل الأعمال ناصر بن عبد الله العواد فقال إن التعامل عن بعد ساهم في إنجاز أعماله مع الغرفة التجارية ووزارة التجارة وغيرها بل اختصر الوقت وقلل التكاليف وأصبح بالإمكان إنجاز أعمال أشهر في يوم واحد من المنزل أو المكتب وهذه نقلة كبيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *