الإقتصاد

المملكة رمانة الاقتصاد العالمي

اعداد – مها العواودة

برهنت المملكة من خلال رئاستها لقمة العشرين في العام الحالي، إنها بمثابة رمانة الاقتصاد العالمي، والبوصلة التي توجه الدول للمسار الصحيح في ظل التحديات والظروف الاستثنائية التي يمر العالم، مؤكدة أنها حاضنة لمفاتيح حلول الملفات الاقتصادية والتنموية المعقدة، ولديها القدرة الكبيرة على قيادة الأجندة العالمية الطموحة لتقديم سياسات اقتصادية فاعلة مستدامة للتعامل مع تلك المستجدات، وإيجاد حلول للقضايا الملحة للقرن الحادي والعشرين.
وما يدلل على ذلك، المبادرات التي تم رصدها أثناء استضافة المملكة قمة “G20” ما يفوق 180 مبادرة وتحدياً يواجه العالم في الوقت الراهن، والعمل في ذات الوقت على إيجاد الحلول المتكاملة لمشاكل الاقتصاد العالمي والاستثمار عبر المباحثات مع المنظمات الدولية والإقليمية ومراكز الفكر والخبراء وممثلي مجموعات التواصل على الصعيد الدولي والإقليمي والمحلي، بالإضافة إلى التشاور مع جميع أعضاء المجموعة والشركاء في الاقتصاديون.

وأعدت المملكة برنامجاً متكاملاً لضمان نجاح الحدث العالمي، تحت شعار “اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع”، لمعالجة القضايا الحالية والمستجدة، والتصدي لتحديات المستقبل، مستندة على خطة استراتيجية، التزمت عبرها باستخدام كل ما هو متاح للحد من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن فيروس “كورونا”، ومعالجة أي قصور وانكماش على الاقتصاد العالمي، لتحقق النجاح التام، وفقاً لخبراء راقبوا نتائج القمة، معتبرين أنها وحدت دول العالم لمواجهة انعكاسات الفيروس المستجد من خلال اتخاذ تدابير عاجلة لحماية القطاعات الأكثر تضررا مع حماية الوظائف وانتعاش النمو بضخ مالي تريليوني، ما أعاد الاقتصاد العالمي إلى مساره الطبيعي، وانعكس على السياسات المالية ودورها من خلال تخفيضات ضريبية واسعة النطاق للشركات، ومدفوعات نقدية مباشرة للعاطلين عن الأعمال وهنا ينخفض حجم الفجوة بين العرض والطلب، فيما قامت البنوك المركزية بخفض معدلات الفائدة لضمان وفرة السيولة واستمرار تدفق التمويل.

منع الانكماش الاقتصادي
منعت المملكة بدعوتها لعقد القمة الاستثنائية لمجموعة العشرين، وطرحها للعديد من المبادرات، الاقتصاد العالمي من الانكماش جراء جائحة “كورونا”، مستندة على قرارات عاجلة للحفاظ على المكتسبات الاقتصادية التي تحققت خلال الفترة الماضية بدعم مالي للقطاع الاقتصادي تجاوز 120 مليار ريال (32 مليار دولار). ومن أبرز التدابير الاقتصادية التي وردت في بيان مجموعة العشرين، ضخ أكثر من 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي، كجزء من السياسات المالية والتدابير الاقتصادية وخطط الضمان المستهدفة لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة، مع دعم التدابير الاستثنائية التي اتخذتها البنوك المركزية بما يتفق مع مهامها، والتي عملت على دعم تدفق الائتمان إلى الأسر والشركات، وتعزيز الاستقرار المالي، ورفع مستوى السيولة في الأسواق العالمية، ما اعتبره مراقبون نجاح منقطع النظير في الحد من آثار الجائحة السالبة على الاقتصاد، بدليل أن البيان الختامي أكد على أهمية السياسات الاقتصادية في مواجهة صدمة العرض أو الإمداد والحيلولة دون أن تتحول هذه الصدمة الأولية في جانب العرض إلى صدمة أخرى في جانب الطلب، كما شدد البيان الختامي على أن مجموعة العشرين، ستعمل على ضمان تدفق الإمدادات الطبية الحيوية، والمنتجات الزراعية الضرورية والسلع والخدمات الأخرى عبر الحدود، ومعالجة الاضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية وذلك لدعم صحة ورفاه جميع الناس، تجاوباً مع حاجات مواطنينا.

حشد لمكافحة الجائحة
ومنذ أن تولت المملكة رسمياً رئاسة مجموعة العشرين في الأول من ديسمبر 2019م، سعدت جاهدة لدق ناقوس الخطر حول التحديات المستجدة التي تهدد العالم، ووضعت المفاتيح للعديد من الحلول المتعلقة بالملفات الاقتصادية والصحية والتنموية، مؤكدة من اليوم الأول لرئاستها للقمة أهمية إظهار رؤيتها العالمية الجديدة، وقدرتها على قيادة الأجندة العالمية الطموحة.

وأثبتت رئاسة المملكة للقمة الاستثنائية الافتراضية لمجموعة العشرين حول فيروس كورونا المستجد، القيادة التاريخية والحكيمة لخادم الحرمين الشريفين على الساحة الدولية من خلال الكلمة التي وجهها للعالم، بتأكيده – حفظه الله – على أهمية العمل العالمي المشترك لما فيه خير الإنسانية جمعاء بغض النظر عن جنس وجنسية أو ديانة، ومواصلة المملكة في مد يد العون للمحتاجين حول العالم، خصوصًا في مثل هذه الأزمات الصحية، حيث سارعت بتقديم المساعدات الإنسانية ماليًا، بدءًا من دعم منظمة الصحة العالمية بمبلغ قدره عشرة ملايين دولار أمريكي، استجابة للنداء العاجل الذي أطلقته المنظمة لجميع الدول بغية تكثيف الجهود من أجل اتخاذ إجراءات عالمية لمحاربة انتشار الفيروس، بالإضافة للجهود التي قدمها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، من مساعدات صحية لليمن، شملت أدوية ومستلزمات طبية وقائية وعلاجية بقيمة 3.5 مليون دولار لمواجهة وباء كورونا، بالإضافة للدعم المقدم لدولة فلسطين في مواجهة وباء كورونا كموقف يذكر بوقوف المملكة الدائم مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وتقديم مساعدات للصين تتمثل في تأمين أجهزة ومستلزمات طبية عن طريق عدد من الشركات العالمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد.

تمكين المرأة
ولم تغفل المملكة خلال رئاستها لمجموعة العشرين، مبادرة تمكين المرأة كونها إحدى الأولويات القصوى للمجموعة، حيث تم مناقشة موضوعات توظيف المرأة، وتحقيق الشمول المالي لها، وتمكينها من الوصول إلى الفرص الحقيقية. وعلمت المملكة مع جميع أعضاء مجموعة العشرين على إيجاد أرضية مشتركة تُبنى على الإنجازات التي تمت خلال الرئاسات السابقة، إذ وضعت المجموعة على مدى السنوات الماضية، “تمكين المرأة” إحدى الموضوعات الرئيسة التي تطرح للمناقشة، بهدف معالجة القضايا المرتبطة على المستوى العالمي. وركزت رئاسة مجموعة العشرين هذا العام على ثلاثة محاور رئيسة، وهي: تمكين الإنسان من خلال تهيئة الظروف التي تمكن الشعوب – وبخاصة النساء والشباب – من العيش الكريم والعمل والازدهار، والحفاظ على الأرض من خلال تعزيز الجهود الجماعية وسن سياسات اقتصادية مستدامة، وكذلك تشكيل آفاق جديدة من خلال اعتماد استراتيجيات جريئة وطويلة المدى لتحقيق أقصى استفادة من الابتكار والتقدم التقني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *