متابعات

وزير الثقافة التونسي لـ «البلاد »: محمد بن سلمان صانع الأمل وصاحب المبادرات الرائدة

البلاد – مها العواودة

فقد البصر وهو في الثانية من عمره لكنه لم يفقد البصيرة، فراح ينهل من العلم والمعرفة ليتميز في ذلك على أقرانه، فكان أول كفيف يحرز شهادة الدكتوراة في جامعة تونسية، وهو أحد أبرز المهتمين والباحثين والخبراء في المباحث البلاغية للغة العربية القديمة على المستوى العربي، وباحث في علم نفس الإعاقة، أنتج برامج ثقافية في الإذاعة، حافظ لكتاب الله، شاعر وعازف على آلة العود ومشرف على عدة برامج ومشاريع ثقافية تهم الشباب الموهوبين، إنه ثاني وزير عربي كفيف بعد عميد الأدب العربي طه حسين، وأول وزير من ذوي الاحتياجات الخاصة في حكومة تونسية؛ إنه وزير الثقافة التونسي الشاب الثلاثيني وليد الزيدي الذي يتطلع لتعاون مشترك بين تونس والمملكة العربية السعودية التي وصف حركتها الإبداعية والثقافية المميزة بالرائدة والواعدة، وأن يكون الاستثمار الثقافي في الشاب والطفل، وإحياء دور الثقافة بحيث لا تكون مباني مهجورة والعمل على زيادة عددها في المناطق النائية ليكون لها تأثير في الحياة اليومية للمواطن التونسي.

في حواره مع (البلاد) أشار الوزير التونسي وليد الزيدي إلى ضرورة الاهتمام بالأطفال والشباب، ويرى ضرورة معالجة الظواهر السلوكية التي تحدق بالأطفال مثل العبثية والانحراف والانقطاع المبكر عن التعليم، من خلال الاهتمام بهم ورعايتهم ثقافيا، حيث بالفن والنشاط الثقافي يمكن أن تنمو شخصية الطفل النمو الأوفق، وينهج النهج القويم فيكون مواطناً فاعلاً حينها يمكن أن يضحي من أجل بلده، وأن لا يكون طفلاً تتعلق همته بالرفاهية المادية، وإنما تكون الثقافة غذاء لروحه أي من الأولويات والضروريات، وهنا يأتي دور النوادي المدرسية التي تمارس مناشطها بدار الثقافة، ويرى أنه يمكن تحفيزها من خلال مواكبة الإعلام العمومي للأنشطة التي تؤديها النوادي لتصل للجمهور، وأن يعمل على توثيق أعمال الأطفال بعد الانتقاء والتمحيص لتنشر إبداعاتهم في كتب تظل محفوظة.


ورغم جائحة الفوضى والإرهاب التي تضرب المنطقة أكد الوزير التونسي أن القرص الصلب للهوية الثقافية التونسية مازال محكماً ثابتاً راسخاً، وأضاف “كل مظهر من مظاهر التطرف يقاومه التونسيون ويتصدون له، لأن ثمة رصيداً ثقافياً وشخصية تونسية متحررة دأبت على الانفتاح وقبول الاختلاف والتسامح، وأن كل ضرب من التطرف لا يمكن أن ينمو في تونس، كون الذهنية التونسية نشأت على قبول الآخر والرأي المخالف”، ويرى أن هذه الثقافة يجب أن تُنمَّى لدى الطفل من خلال تبصرته بالحقائق ومن بعدها يمكنه أن يختار دون أن يعرض بالشر لكل اختيار يخالفه، مؤكداً أن الفريق الحكومي الجديد يعمل بتناغم وبسياسة واحدة لإنقاذ البلد والتمكين له بين البلدان مع التركيز على الاستثمار في الثقافة والنهوض بالواقع الثقافي. وعن رأيه في الحركة الإبداعية في السعوية قال: أحيي الشعب السعودي وأبارك الحركة الثقافية الإبداعية المضطردة فهي حركة رائدة ومخصبة متقدة ومثمرة وواعدة ومتفتحة على الثقافات، فضلاً عن عناية المملكة الفائقة بالأدب العربي بدا ذلك واضحا حتى من خلال الجوائز العربية الإبداعية المشجعة التي ترصدها المملكة للمبدعين من الأدباء والمفكرين والشعراء والمترجمين.

وتابع “أهنئ المملكة وأتمنى أن يكون بيننا تعاون مشترك في المجال الثقافي، وأن تتركز سبل التبادل بين البلدين الشقيقين في تبادل الخبرات والمعارف والانتاجات، وتمويل بناء المكتبات ودعم إنتاجات إبداعية وتمويل النشر وكذلك تمويل المشاريع الثقافية مثل تأسيس مراكز الفنون الدرامية وتأسيس مراكز ثقافية يمكن أن يتعاطى فيها الأطفال أنشطتهم وخاصة تلك التي فيها تمكين لهم في حب اللغة العربية”. وكشف عن رغبته في تأسيس مهرجان للفصاحة والتعدد اللساني سيرصد له جائزة وطنية، متطلعا إلى تعاون السعودية في إنجاح هذا المهرجان خدمة للغة العربية وتجذيراً لها في ترابها. مشيداً بالدور الثقافي الذي تتبعه المملكة وسبل تعاونها من أجل تمكين أواصر المحبة بين الشعوب بالثقافة، وبما تقوم به وزارة الثقافة السعودية وما تبادر إليه من دعم وتحفيز ونماء، كما بارك دعمها الإيجابي وكل دعم يمكن أن يرد ويسند للمبدعين.

وعن سؤالنا لوزير الثقافة التونسي متعدد المواهب عن ما إذا كانت وظيفته الجديدة ستأخذه عن مواهبه في العزف على آلة العود وكتابة الشعر قال :” لن أستغني عن شيء من مواهبي من أجل المنصب، وهذه الوزارة بالتحديد تشجع وتدفع باتجاه ممارسة النشاطات الإبداعية والهوايات، ينبغي أن تسوس الثقافة بشخصية فنية، أن أعزف العود وأغني وأرتل القرآن وأقرأ الشعر، فأرى في ذلك تحفيزاً وتغذية للذوق تجعلني أقرب إلى شواغل الموهوبين وقضاياهم ومشكلاتهم، بالفن يمكن أن ننمي سياسة أقرب إلى التوفيق”.


وتابع” العمل في وزارة الثقافة ربما يزيدني تعلقاً بمواهبي وإبداعاتي، وما أجمل أن يكون الوزير موهوباً وصاحب بصمة خاصة، نحن نتاج نضال الفنانين، في شخصياتنا ثمرة ما قدمه المبدعون، وما غناه المغنون وما أنشده الشعراء، أرى من المهم أن تكون الموهبة هاديا في السياسة الثقافية التي نرتأيها”.

وعن نظرته لرؤية المملكة 2030 الطموحة وقيادة الأمير الشاب محمد بن سلمان لها قال: انه هو العزيمة المتقدة والفكر الحر والعزم القوي على تحقيق سياسات وتنمية مواقف والمبادرة باختيارات رائدة، ومن المجدي أن يقود السفينة شاب فهو صانع الأمل والحياة ومنفذ سياسة الإبداع.

وتعقيباً على لقب” طه حسين” الذي أطلقته عليه بعض وسائل الإعلام، أكد الوزير التونسي رفضه التام لهذا اللقب وقال: “احترم سني وتجربتي وطه حسين هو قدوتي، ولكنه ليس لقبا نوزعه على كل مكفوف تميز ونجح، طه حسين عبقرية العصر وعميد الأدب المصري والعربي، وكان له تأثير في الفكر العربي والإصلاح، لكن يتبقى لكل شخصيته ومستقبله وكل نهر يحفر مجراه، أنا وليد الزيدي لست طه حسين، ربما على نهجه ومؤمن بمبادئه في التحرر وحب الحياة والدفاع من أجل الوطن والمواطن والحرية الفكرية، أنا لا أمثل إلا ذاتي والاختلاف رحمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *