بداية، ولمن لم يكن متابعا لمقالاتي السابقة (وخاصة بصحيفة البلاد)، هذا المقال ليس بالمقال الأول لي عن كورونا واحداثها المتوالية. هناك العديد من المقالات (منها ما ينشر يوم الخميس) او تقارير صحفية في هذا الشأن. وبحكم تخصصي العلمي (دكتوراه في العدوى والمناعة من جامعة جلاسكو ببريطانيا)، فقد كنت امام تحدٍ كبير متمثل في الكتابة العلمية في شأن عدوى كورونا المستجد والمناعة ضد العدوى وأيضا الكتابة عن لقاح كورونا المنتظر. هذا التحدي، جعلني متابعا وبصورة يوميه، للأرقام التي يتم نشرها على منصة وزارة الصحة، والتي تضمن اعداد الإصابات وحالات التعافي وغيرها من الأرقام (النسب المئوية المختلفة). إذن اتمني ان يكون تعليقي على تلك الأرقام والحالة الصحية التي وصل اليها المجتمع السعودي (مقارنة بما يحدث في دول اخرى) مطابقا ويتوافق مع النظريات العلمية في تخصص العدوى والمناعة.
هناك العديد من العوامل، سواء كانت مرتبطة في اجسادنا او بيئتا المحيطة او في الإطار العام لانتشار العدوى في المجتمع، لها ارتباطات قوية بحالة المناعة الجماعية للمجتمع السعودي (ولضيق المساحة لا أستطيع التطرق اليها بإسهاب). ولكننا، كمتخصصين في هذا المجال الحيوي (المناعة)، ندرك تماما، انه لابد، من مناقشة تلك العوامل من خلال قراءتنا ومتابعتنا (اليومية) لمختلف تلك الأرقام والنسب المئوية في المجتمع السعودي. هذه العوامل، توضح لنا (دون ان تدع أي مجال للشك) ان مناعة المجتمع السعودي ضد الإصابة بعدوى كورونا، بدأت في التأثير (الايجابي) على تلك الأرقام التي يتم رصدها يومياً وخاصة في اعداد المصابين واعداد حالات التعافي من العدوى، والتي تعطي مؤشراً إيجابياً عن حالة المناعة الجماعية للمجتمع السعودي، كيف؟.
حالات التعافي (في قاموس العدوى والمناعة)، تعني ان هذا الشخص تعرض للعدوى الفيروسية، يلي ذلك، اكتساب جسمه مناعة ذاتية مكنته من التغلب على الفيروس (ببناء مناعة طويلة الاجل او حتى قصيرة) وضد الإصابة مرة اخرى (هذا بشكل عام) ودون التطرق لبعض الحالات في معاودة الإصابة مرة أخرى (وهي قليلة جدا). في إطار اخر، ارتفاع حالات التعافي، تعني أيضا، ان فرصة انتقال العدوى من شخص مصاب الى شخص اخر غير مصاب (من خلال هذا الشخص المتعافي)، أصبحت ضئيلة جدا (ان لم تكن معدومة)، هذا حسب مفهوم المناعة الجماعية او كما هو معروف بمناعة القطيع.
باختصار، مما ذكرته (في مقالاتي وتقاريري السابقة)، وبما ينشر يوميا على منصة وزارة الصحة، يمكن القول، إن الإجراءات الاحترازية المتخذة في هذا الشأن (محليا)، الى جانب الوعي الكبير من قبل جميع شرائح المجتمع بتطبيق جميع التوجيهات الصحية (لبس الكمامات والتقليل من التجمعات)، ساهم وبقوة في ازدياد حالات التعافي في المجتمع. هذا يعتبر مؤشرا إيجابيا لازدياد نسبة المناعة الجماعية في المجتمع السعودي ضد عدوى كورونا المستجد. كما يعني ايضاً، ان اعتماد المجتمع السعودي على لقاح كورونا، سوف يقل تدريجيا مع القادم من الأيام بإذن الله.
دكتوراه في العدوى والمناعة
استشاري مكافحة العدوى