البلاد – رضا سلامة
تعتمد إيران ورقة اعتقال الأجانب ومزدوجي الجنسية سلوكًا ممنهجًا لابتزاز الدول، في انتهاك سافر لحقوق الإنسان والمواثيق والقوانين الدولية، وفي جديد ذلك، اعترفت لندن ضمنيًا برهن طهران الإفراج عن مواطنة إيرانية بريطانية بالحصول على أموال، فيما تؤكد المصادر أن الحرس الثوري الإيراني يعد أحد مسؤوليه للدفع به للانتخابات الرئاسية في محاولة لسيطرة ميليشيات الحرس الثوري على جميع مفاصل السلطة، بالاستيلاء على الحكومة الإيرانية عبر تمكين مرشح تابع للحرس من الوصول لمقعد رئاسة الجمهورية في العام المقبل، ما ينذر بتصعيد لحملات القمع بالداخل وتوتير العلاقات مع الخارج.
وأقر وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، ضمنيًا بأن إيران تشترط الحصول على أموال مقابل إطلاق سراح معتقلة مزدوجة الجنسية، وقال في رسالة إلى محامِي نازنين زاغري، المواطنة الإيرانية البريطانية المسجونة في إيران، بأن على لندن ديونًا لطهران مقابل صفقة بيع دبابات في عهد الشاه بهلوي، لم تتسلمها إيران.
ولم تعترف أي من حكومتي المملكة المتحدة وإيران رسميًا قبل ذلك، بأن الإفراج عن “زاغري” مشروط بسداد ديون لندن لطهران، رغم أن القضاة الإيرانيين أشاروا مرارًا إلى ذلك باعتباره عقبة رئيسية أمام إطلاق سراح “زاغري”.
وتبلغ ديون بريطانيا لإيران نحو 400 مليون جنيه، تتعلق ببيع دبابات “شيفتان” التي لم يتم تسليمها لإيران بعد استيلاء الملالي على السلطة عام 1979، وتتردد لندن في تسديد المديونية حتى لا تنتهك عقوبات الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، كما تخشى في حالة سدادها على شكل مواد إنسانية أن ينتهي بها الأمر في أيدي الحرس الثوري، بالإضافة إلى ذلك لا تريد أن يُنظر إلى المبلغ المدفوع على أنه فدية للإفراج عن الرهينة، خاصة أن “والاس” شدد على أن اعتقال “زاغري” غير قانوني، مطالبًا النظام الإيراني بالإفراج عنها دون قيد أو شرط.
يذكر أن “زاغري” اعتقلت في إيران منذ عام 2016، أثناء زيارة أرادت خلالها أن يرى والداها طفلتها “غابريللا للمرة الأولى”، وحُكم عليها بالسجن 5 أعوام بمزاعم التجسس ومشاركتها في التحضير لقلب نظام الحكم، وهي تهم يتم تلفيقها للأجانب ومزدوجي الجنسية لابتزاز دولهم، وتورط الحرس الثوري خلال السنوات الأخيرة في عشرات القضايا المماثلة.
دولة موازية
ويضاعف من تلك المخاوف سيطرة الحرس على البرلمان بتشكيلته الجديدة، فرئيسه، محمد باقر قاليباف، عميد سابق في الحرس الثوري، وثلثا أعضاء مجلس إدارة البرلمان، إما أعضاء سابقون أو حاليون في ميليشيات الحرس والمنظمات المعاونة لها ، ولأكثر من عقدين، حاول من يسمون بـ”الإصلاحيبن” داخل المؤسسة السياسية الإيرانية، تعزيز قوة المؤسسات المنتخبة ضد سلطة المرشد والحرس، وحاليًا فشل مشروعهم، ويغزو أتباع المرشد والحرس الهيئات المنتخبة ويعززون السلطة لأنفسهم.
ويعد الحرس الثوري سبب معظم مشاكل البلاد واستثمر الأزمات لصالحه، إذ في ظل العقوبات الأمريكية، الذي تسبب فيها بتمدده ونشره الفوضى والفتن وتمويل ودعم الميليشيات في دول المنطقة، وسع نطاق اقتصاد مواز، تقوده نخبة فاسدة جديدة من رواد الأعمال المهربين، ويمنع الحرس الثوري الحكومة من توظيف خبراء يعتبرهم غير لائقين سياسيًّا، كما أنه يخرج السياسات والمشروعات الحكومية عن مسارها كما يشاء، وطوال الوقت يسوق دعاية تصر على أن السياسيين والبيروقراطيين هم المسؤولون عن تدهور أوضاع البلاد.
ويتوقع أن تنذر الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة بصعود جديد للمتشددين، سيضيف فقط فصلًا جديدًا في الصراع بين النخب السياسية وبين إيران ودول المنطقة والعالم.