كثرت في الآونة الأخيرة ، كتابة السير الذاتية ، وتتنوع هذه السير ، في أهدافها ومراميها ، فالبعض يخلط بين السير الخاصة والعامة ، والبعض الآخر ، يحرص على أن تتسم سيرته بالكفاح والعصامية، بحيث يستفيد من مجریاتها جيل اليوم والغد. وهذا النوع يمثل العدد الضئيل من هذه السير ، وهي التي يُعوّل عليها في الإفادة ، حاضراً ومستقبلاً، لأنها تمثل في واقعها حقيقة الفترات والمواقف التي عاشها الإنسان في حياته ، وما واجهه خلالها من حلو العيش ومره ، فيقدمها للقارئ في صياغة تنبض بالحكمة والعصامية وصور الكفاح والعبر والاعتبار ، طامعاً في أن يتفاعل القارئ معها (سيرة وحياة) مستفيدا من المعطيات والدروس المواكبة لها ، والتي تجلت بالكفاح والعصامية والنجاح ، وتلك هي السير المأمول كتابتها والمفيدة في معناها ومبناها (حياة .. ومعايشة).
أما السير التي يظهر عليها طابع الخصوصية وتلميع الذات، والخالية من الفائدة في معناها ومبناها (كفاحاً وعصامية) فهذه لا تمثل إلا خصوصية أصحابها فقط ولا يستفيد منها من يتوقون لدروس الحياة وعبرها ؟ هناك العديد من السير الذاتية صدرت مؤخراً إلا إن معظمها لا ترقی إلى السير التي تتسم في اهدافها ومراميها التي تفيد جيل اليوم والمستقبل، في مسيرة حياتهم كفاحاً وعصامية ، فهي مجرد سرد لمسيرة الحياة الخاصة الخالية مما يمكن أن يدفع بجيل اليوم والمستقبل للعبرة والاعتبار.
وهناك قلة من تلك السير، وُفّق أصحابها في كتابتها، واقعاً يتفق في مدلولها الهادف البناء في مجالها، أذكر من أولئك على سبيل المثال لا الحصر، الشيخ علي الطنطاوي، والأستاذ حامد دمنهوري، والشيخ عبدالحميد مرداد، والدكتور عبدالعزيز الخويطر، والدكتور غازي القصيبي، والأستاذ عزيز ضياء، والأستاذ أحمد السباعي، والشيخ محمد علي مغربي، والأستاذ عبد السلام مطاهر الساسي رحمهم الله جميعاً والأستاذ محمد القشعمي والدكتور عبدالله الحيدري، والأستاذ عبدالرحمن السدحان، والدكتور إبراهيم الدعيلج، وغيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم.
خاتمة: إذا أردنا أن نوجد سيراً يشار إليها بالجدوى والفائدة، علينا العودة لما كتب في هذا الصدد قديماً وحديثاً (من سير ودراسات) ونتخذ من أسسها ومناهجها ما نبني عليه (سيرنا المعاصرة) تحقيقاً للفائدة لنا ولأجيالنا حاضراً ومستقبلاً.
نبض الختام: السير الناجحة هدفاً ومدلولاً هي ما تشتمل على صور الكفاح والمكابدة والعصامية.
Ali.kodran7007@gmail.com