بالرغم من تقديرنا لعمليات المداهمات التي تقوم بها الاجهزة الرقابية المختصة ووزارة التجارة على مصانع عشوائية او غير مرخصة لانتاج المأكولات والحلويات واخرى لانتاج الزيوت والمساحيق والصابون وصناعات التعليب .. ومستودعات خطرة لا تتوافر فيها متطلبات سلامة التخزين .. وعمالة سائبة لا تستوفي الشروط الصحية لصناعة الغذاء .. كل ذلك يضع علامات استفهام كبيرة امام اسئلة تحتاج الى شفافية مطلقة لفتح هذا الملف ومناقشته بجدية صارمة من قبل الاجهزة الرقابية والقانونية والتشريعية تماما كما نفعل مع ملف العشوائيات.
ومن هذه الاسئلة .. ما نشاهده من خلال مقاطع الفيديو المصورة لهذه المداهمات .. مفاجآت صادمة بكل المقاييس .. من اين لهذه المصانع غير المرخصة ان تحصل على هذه الاجهزة والمعدات .. ومن يقوم بتجميعها وتركيبها وصيانتها .. ولصالح من يتم استيرادها .. وكيف يحصلون على بعض المواد الخام الاساسية ..ومن يصنع العبوات ويطبع الملصقات بهذه الكميات الضخمة .. وكيف لم يستطع التجار والموردون الاساسيون ان يكتشفوا اغراق السوق بهذه المنتجات الموبوءة والتي تحمل اسماءهم وعلامات تجارية معروفة.
ومن هم الملاك الاساسيون الذين يديرون هذه البؤر التصنيعية والتي لا شك انها تهدد اقتصاد البلد وامكاناته التصنيعية .. واولا واخيرا تدمر الصحة العامة للمجتمع وتجعله يفقد الثقة في اي منتج يتم تصنيعه علي ارض الوطن.
وفي هذا ظلم عظيم يقع على التجار والمصنعين الشرفاء ويكبد الدولة اموالا طائلة لعلاج الامراض الناتجة عن هذه الممارسات الغامضة والفاسدة.
وتجدر الاشارة الى ان انتاج المأكولات والمشروبات العالمية بجميع انواعها هي ايضا عرضة للمخاطر والتزييف خصوصا بان شهادات التصنيع والمنشأ اغلبها مزورة وهي تتوافق مع الانظمة والتشريعات المحلية التي تولت صناعتها بل ان بطاقات التوصيف والانتاج الملصقة على العبوات تدعي معلومات غير حقيقية او واقعية .. فيمكن ان يكون الانتاج غير مرخص او يكتنفه الاهمال البشري في المناولة .. وعدم اتباع تعليمات وخطوات التسخين والتبريد او مراعاة درجات الحرارة والرطوبة والاضاءة اثناء عمليات الانتاج واماكن التجميع والتخزين .. ويكفي ان اقول لكم .. ان احدى الدراسات تشير الي أن 49 % من زيت الزيتون الذي يباع في امريكا مغشوش.
وأخيرا .. فان عمليات التصنيع والانتاج لمواد الطعام والزيوت والعطور والمواد الخام كلها تحت رحمة نظام عالمي فاشل في الحفاظ على امن وسلامة الغذاء وانتاجه وسلامة وصحة المستهلكين.
لذلك ارى ان التقدم التكنولوجي سيقضي على مساحات ضخمة من الغش والتزوير والفساد في صناعة الغذاء بحيث تصبح المسؤلية في يد المستهلك نفسه وسيمكنه ان يكتشف الغش والتزوير عن طريق البرمجيات وآليات الذكاء الاصطناعي.