متابعات

التأجيل صمام أمان ضد الإفلاس

جدة ـ عبد الهادي المالكي – المدينة المنورة – محمد قاسم

لا تزال بصمات جائحة كورونا – رغم الإدارة الاحترافية للأزمة – ماثلة للعيان خصوصا فيما يتعلق ببعض الأنشطة التجارية حيث يقول أصحابها انهم يعانون من توابع توقفها بصورة جزئية خلال فترة منع التجول.

ويتحدث رجال أعمال وتجار عن أن عدم قدرتهم على الانتظام في سداد التزاماتهم للبنوك مما دفع البعض إلى البحث عن مخارج البقاء والاستمرار. وتعتبر البنوك بصفة عامة الأساس في تمويل المشاريع الصناعية والتجارية والتنموية، والبنوك في المطلق بالمملكة العربية السعودية حققت في السنوات الماضية ومنذ تأسيسها أرباحا عالية جدا وهي تحظى بدعم ورعاية كبيرة من مؤسسة النقد صمام الأمان للبنوك السعودية والمراقب العام على أعمالها وضمان حقوق العملاء والمستثمرين، والحقيقة لولا قوة الاقتصاد السعودي التي ساهمت في رفع نسب النمو، ولولا المشاريع الحكومية العملاقة في مختلف المجالات لما تحرك القطاع الخاص ونما وتطور، ولن ينكر القطاع الأهلي بجميع فئاته أفرادا ومؤسسات وشركات دور البنوك في التمويل والذي نتج عنه تأثر الأرباح في معظم البنوك، ونتيجة لبعض الركود الاقتصادي الذي طرأ على العالم، ولأسباب عديدة واجه بعض رجال الأعمال ضعفا في نمو أعمالهم الاستثمارية مما وضعهم في مواقف صعبة لسداد مديونياتهم المجدولة ما دفع بعض البنوك إلى ممارسة ضغوطات على العملاء وطالبت بإعادة تقييم الضمانات المقدمة مقابل التمويل، وعلى وجه الخصوص إعادة تقييم الأراضي والعقارات المقدمة كضمانات، ونظرا لانخفاض أسعار الأراضي والعقارات، تطالب البنوك من عملائها بدفع فرق التقييم عند الحصول على القرض والتقييم الجديد كضمانات إضافية، وهي فروقات كبيرة تصل إلى 50 % انخفاضا أحيانا، ولأن ظروف المدينين المقترضين أصلا غير مؤهلة للاستمرار بنفس الدفعات فكيف إذا طلب منهم دفع فرق التقييم المنخفض.

(البلاد) التقت بعدد من رجال الأعمال والذين أكدوا أن توقف الأنشطة التجارية بصورة جزئية خلال فترة منع التجول أثر سلبا على الأنشطة، وبالتالي فقد تقلصت أرباح ومداخيل بعض الشركات والمؤسسات ما جعلها عاجزة عن الوفاء بما عليها من التزامات مع البنوك حيث قامت الأخيرة برفع دعاوى قضائية للمطالبة بتسديد تلك القروض المستحقة لافتين إلى ضرورة وضع آلية لمطالبة البنوك بتأجيل سداد القروض لحين انتهاء الجائحة العالمية وتعافي مؤسساتهم من التداعيات المرتبطة بكورونا حتى لا تضطر بعض المؤسسات لإعلان إفلاسها والدخول في حيثيات التقاضي.

وفي هذا السياق أوضح رئيس طائفة العقار بمحافظة جدة خالد الغامدي بأن تأجيل القروض لمدة 6 أشهر خلال فترة الجائحة غير كاف لأن هذه الفترة لم تخدم التجار ولا رجال الاعمال حتى بعد عودة النشاط التجاري، لافتا إلى أن الأنشطة التجارية لم ترجع بصورة كاملة ولذلك لا يستطيع التجار الوفاء بالتزاماتهم تجاه البنوك لذلك يقترح تأجيل فترة السداد الى ستة أشهر قادمة حتى ترجع الأمور الى طبيعتها ويتمكن التجار ورجال الأعمال استعادة عافيتهم وتعويض بعض الخسائر ومن ثم الوفاء بما عليهم من التزامات تجاه البنوك.


تأجيل السداد

ويقول الغامدي أنه في حال عدم تمكن أصحاب المؤسسات من الوفاء بالتزاماتهم فسوف يضطرون إلى إغلاق منشآتهم التجارية لأن التاجر اذا لم يشتغل لن يستطيع السداد لذلك نطالب بتأجيل تلك القروض حتى تنتهي الظروف الراهنة وتداعيات الجائحة العالمية.
ويضيف بان التجار هم المتضررون في المقام الأول، وحتى لا تضطر بعد المؤسسات إلى إعلان إفلاسها فإن على البنوك إطلاق مبادرة موحدة من أجل تأجيل السداد وهذا التأجيل سيكون في صالح الطرفين بإذن الله سواء البنوك أو الأنشطة التجارية أو العقارية أو القطاعات الاقتصادية الأخرى .

كثرة المطالبات

وقال رجل الأعمال عوض الدوسي أن توقف نشاط المؤسسات العقارية خلال فترة المنع كبدت اصحاب هذه المؤسسات بعض الخسائر والتي لازلنا نعيشها حتى اللحظة ونظرا لتضرر العقار وكثرة المطالبات في المحاكم من قبل البنوك بتسديد القروض المستحقة على بعض رجال الاعمال فإننا نتمنى من المالية مخاطبة البنوك حول تأجيل القروض الى ما بعد الجائحة حتى يستطيع رجال الاعمال استعادة نشاطهم من جديد وبعدها يتمكنون من تسديد ما عليهم من التزامات.


مبادرات داعمة

وفي السياق نفسه أوضح وليد السبيعي عضو اللجنة العقارية بغرفة جدة أنه في ظل المبادرات من الدولة حفظها الله والدعم لجميع الانشطة لمساعدتها على الاستمرار وعدم التضرر سواء بالتوقف او الافلاس او ما شابه ذلك فإن الكثير من رجال الأعمال والعقار يتمنون ايجاد طريقة مع (مؤسسة النقد) من أجل مخاطبة البنوك لتأجيل سداد القروض الى أن – يتحسن الوضع ويعود النشاط الاقتصادي والعقاري بصفة خاصة لانه محرك رئيسي للاقتصاد.

مخاطبة البنوك

من جهته أوضح رجل الاعمال محمد الشريف أحد المستثمرين في القطاع الفندقي أن الضرورة تقتضي وضع آلية لتأجيل سداد الالتزامات حتى تعود الأنشطة كافة لسابق عهدها وأدعو أن يتم التنسيق مع مؤسسة النقد من أجل مخاطبة البنوك لتأجيل سداد القروض حتى تنتهي الجائحة ويتمكن الجميع من سداد ما عليهم من التزامات مالية تجاه البنوك.

تخفيض الالتزام

ويقترح محمد العقيل بدلا من التأجيل الى ما بعد الجائحة أن يتم تخفيض الالتزام الشهري40 % – 60 % ؛ مما يسهم في مراعاة احوال المدين، وفي نفس الوقت تحسب نقطة ايجابية للبنك وترفع من سمعته اضافة الى تجنب الخسائر في اجراءات التقاضي.

الحزم المقررة

وخلاصة القول في هذا الموضوع ما قاله المتحدث الرسمي لوزارة المالية طلعت حافظ الذي أوضح أن الحزم التي قررتها مؤسسة النقد العربي السعودي سواء الخمسين ملياراً الاولى لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي تكونت من اربع حزم أساسية. ثلاثين مليارا وجهت لتأجيل الدفعات والاقساط على مستحقات المصارف وشركات التمويل لمدة ٦ اشهر و ١٣ مليارا ومئتين مليون وجهت لتمكين المصارف وشركات التمويل من منح تمويلات وقروض ميسرة للشركات وسته مليارات تتعلق برسوم مؤسسة النقد العربي السعودي وهي تتمثل في رسوم برنامج كفالة واصدار الضمانات اللازمة لجهات التمويل للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، واخيرا ٨٠٠ مليون التي تتعلق بإعادة الرسوم للتعاملات الإلكترونية بالنسبة للمحلات التجارية أو المواقع الإلكترونية المرخصة التي تقدم سواء في ما يتعلق بنقاط البيع أو بالتجارة الإلكترونية وعقبها 50 ملياراً اخرى ضخت للقطاع المصرفي ايضا لتمكينهم من التوسع في اقراض وتسهيل التمويل ومنح تمويل ميسر بالنسبة للشركات التي عانت من جائحة كورونا.

القرض المضمون

وأستطرد بقوله إن هناك ١٣ ملياراً ومئتين مليون ريال وجهت لما يعرف بالتمويل أو القرض المضمون والذي كما هو معروف عنه توفير ضمان ٩٥ % من برنامج كفالة لجهات التمويل وألا يتجاوز بأية حال من الاحوال ما تفرضه البنوك، لافتا إلى أن جميع حزم الدعم هذه موجهة للشركات التي تأثرت وبالذات المنشآت الصغيرة والمتوسطة من جائحة كورونا اما فيما يتعلق بالقضايا التي صدر فيها حكم تنفيذ ما قبل جائحة كورونا فهذا امر يختلف بمعنى أن بعض الشركات التي تعثرت بالسداد قبل جائحة كورونا أمرها مختلف تماما عن موضوعنا هذا.
وأضاف أنه بالنسبة للشركات المتأثرة بالجائحة العالمية فإن الأمر متروك للسياسات الائتمانية وآليات التحصيل وتعامل كل بنك، وبالنسبة للشركات التي تعثرت قبل جائحة كورونا وانتهى بها الأمر الى قضاء التنفيذ أو الى المحاكم فلا اعتقد ان اي من حزم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *