(حصنا الأخوين) بقرية الملد بمنطقة الباحة على طريق الملك عبد العزيز الذي يربط الباحة بأبها يمثلان أحد المعالم التراثية بالمنطقة، يتسنمان تلا مرتفعا يطلّ على وادي قوب الجميل الذي يجري في بعض أشهر السنة. بُنِيا بالأحجار بإبداع هندسي وطراز جميل تزيّنه أحجار (الكوارتز ) المرو التي وضعت بعناية تحيط بقمة الحصنين حيث ظهرا بشكل متقارب جداً ومتناسق تظهر براعة البنائين القدامى وكأنهما توأمين.
وهما لافتان لانتباه من يراهما بفرادة شكلهما البديع وارتبطت بهما بعض القصص التي تروى عن سر بنائهما بتلك الصورة المدهشة! حتى أطلق عليهما هذا الاسم وربما يتجاوز عمريهما الأربعة عقود أو يزيد.ولعل هذا العمق التاريخي والكنز التراثي والبعد الجمالي حرّك الحسّ لدى الشاب محمد مسفر الغامدي ليتولى ترميم البيوت القديمة المجاورة ليجعل منها متحفاً شعبياً بالاتفاق مع ملاك تلك المنازل والحصنين وفي مقدمتهم الأستاذ محمد غرم الله لافي المعروف كذلك باهتمامه بالثقافة والتراث من خلال عمله مديراً عاماً للتطوير السياحي بالمنطقة في فترة سابقة ورئيساً لوفد المنطقة في مهرجان التراث والثقافة بالجنادرية الذي سهل القناعات بتعاون البقية الذين رحبوا بالفكرة وباركوا الخطوة لقناعتهم بأهميتها لخدمة السياحة بالمنطقة، وتشجيع السياحة الداخلية عموماً من منطلق وطني يشكرون عليه.
ولعل الجميل ما شاهدناه من إقبال المقيمين والزائرين والسياح للوصول إلى الحصنين والاطلاع على المتحف الذي أطلق عليه أيضا متحف الأخوين في دلالة ذكية وإشارة توظيفية جيدة ليقترن المتحف بذلك الموقع التراثي الذي يشدّ إليه الأنظار .. مما يحقق جذباً كبيراً وهو المتوقع خاصة وأنه احتوى على قطع تمثل مختلف جوانب الحياة في الماضي تقريباً من الأدوات المنزلية وأدوات الزراعة والصناعة والزينة والسفر وأنواع الأسلحة وغيرها … وزعها بطريقة منظمة داخل تلك المنازل بما يتناسب مع متطلبات المتحف .
والأجمل أن لدى ذلك الشاب المتحمس طموحات عالية ونظرة بعيدة لتوسيع المتحف وتنويعه بشكل أفضل وضمّ المنازل الأخرى بعد تأهيلها وتوظيف بعضها لتكون نزلاً سياحية في ذات الموقع المميز. وهو بحاجة فعلية إلى الدعم والتشجيع والمساندة من الجهات ذات العلاقة لإكمال هذا المشروع ذي الأهمية.
وكنت أحد المتحمسين للوصول إليه ومشاهدة محتوياته بعد افتتاحه من قبل سعادة وكيل إمارة المنطقة .. وقد سرني وجود سائح بريطاني من بين الزائرين يتجوّل داخل المتحف ويلتقط الصور أمام المباني التراثية، وزاد سروري بوجود مرشدين سياحيين من الشباب السعودي يقومون بالتعريف والترجمة للأجانب مما يبعث على الاطمئنان على البدايات القوية لنجاح رؤية المملكة التي تبنّاها سمو ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بتنويع المصادر وأن تكون السياحة الداخلية من أهم مصادر الدخل القومي وجميع المؤشرات تدعم ذلك -بفضل الله- لتوفر المعطيات وما تملكه البلاد من كافة المقومات.