يأتي إعلان وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، بأن وزارته تعمل حاليًا على تقديم ملف محمية جزر فرسان لتسجيلها في قائمة “الماب” في اليونسكو، تأكيدا على أن السعودية غنية بإنسانها وتنوعها الطبيعي والثقافي ، ما يؤهلها لسياحة عالمية وانضمام أرخبيل جزيرة فرسان الى 5 مناطق سعودية موجودة في قائمة التراث العالمي هي مدائن صالح واحة الأحساء ومواقع الرسوم الصخرية في موقعي جبة والشويمس بمنطقة حائل وجدة التاريخية وحي الطريف بالدرعية التاريخية. تعتبر جزيرة فرسان . ويقع أرخبيل جزر فرسان أحد أهم المواقع السياحية بمنطقة جازان لما يضمه من امكانات سياحية متميزة ومواقع جذابة وأماكن أثرية هامة وسط مياة البحر الأحمر ويوجد بالأرخبيل نحو 90 جزيرة إمتازت منذ القدم بمصائدها الغنية باللؤلؤ الذي كان من أهم مصادر الرزق لأبناء فرسان إلى جانب صيد الاسماك الذي يعد المهنة الرئيسية لسكان الجزر خاصة في موسم صيد الحريد.
وتمتاز جزر فرسان بأهمية موقعها بالقرب من ممرر السفن الدولي وكذلك قربه من باب المندب ودول القرن الأفريقي وغناها بالموارد الطبيعية والسياحية والأثرية وشعبها المرجانية والثروة السمكية مما يجعلها محط أنظار الزوار والسياح ورجال المال والأعمال والصيادين على حد سواء .
ومن جزر الأرخبيل جزيرة (السقيد) وجزيرة (قماح) و(وادي مطر) بأطلال ذات صخور كبيرة عليها كتابات حميرية و (قرية القصار) التي يوجد فيها موقع (الكدمي) محتويا على بنايات متهدمة ذات أحجار كبيرة وبقايا أحجار تشبه إلى حد كبير الأعمدة الرومانية ، اضافة الى القلعة العثمانية وبيت الجرمل وبيت الرفاعي (التاجر أحمد منور الرفاعي) كشاهد على تجارة اللؤلؤ كأحد أهم مصادر الرزق وقصر النجدي الذي يعتب شاهدا على الحياة المترفة لتجار اللؤلؤ ومسجد التابوت الذي يقدر عمره بـ (300) عام، وتقام فيه الصلاة حاليا بعد تجديده ضمن مشروع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية ومباني العرضي وقلعة لقمان ومباني غرين.
وفوق ذلك تعدّ جزيرة فرسان أرض الشعر والجمال والأعراس ، سيما وقد أهدت البلاد نخبة من الشعرء المتميزين في مقدمتهم الشاعر الكبير ابراهيم مفتاح وحسين سهيل والشاعر والأديب والصحافي والمثقف الضخم عبد المحسن يوسف صاحب (قامر برأسه كأنه الوردة) (وما يشبه آمالاً زهيدة) والذي قال عن موسم صيد سمك الحريد ،: (كانت المرأة في ” جزيرة فرسان ” تحتفي ب ” موسم الحريد ” في إبريل من كل عام ، حيث تقام الأعراس في الليالي الملاح ، سمك الحريد يأتي إلى الجزيرة مهاجرًا ، يسير متمهلًا بالآلاف حتى يصل إلى الشاطئ ، يصيده أهلنا كبارنا وصغارنا بأبسط الوسائل مثلًا بأكياس الأرز الفارغة ، بالقمصان التي نرتديها ، بأيدينا الخالية …الخ ؛ لأن هذا السمك وديع لا يجرح ولا يسيل دمًا..وفي عرف أهلنا ” من العيب بيعه ، فقط يُهْدَى إلى الجيران والفقراء والعجزة والمحتاجين ).
ويتذكر عبد المحسن : (وأنا طفل في التاسعة ، كان أبي يصطحبني معه في قاربه الخشبي الصغير لاستخراج اللؤلؤ من أعماق البحر ، لم أكن أحسن السباحة لكني كنت أتولى مهمة رفع السلة إلى سطح القارب ..حين يشدُّ أبي الحبل من الأقاصي معناها إنه ملأ تلك السلة بالأصداف التي ربما تكنز بباطنها لؤلؤًا ثمينًا ويتعيّن عليَّ أن أسحبها إلى الأعلى ..أبي كان يهوي إلى الأعماق السحيقة من دون اسطوانة الأوكسجين ـ الصيادون في ” جزيرة فرسان ” لم يكونوا على علمٍ بهذا الترف ـ أبي كان يمكث في الأعماق طويلًا بحثًا عن الأصداف ، وأنا كنت ـ على قلقٍ كأنّ الريحَ تحتي ـ وحيدًا أنتظر بزوغه كشمسٍ ناضجة ، وحيدًا كنت ، مستسلمًا لهواجس الخوف وأسئلة القلق المريرة : ترى كيف لو لم يعد أبي من هذه المياه المعتمة ؟ وماذا كنت سأفعل أنا الطفل الوحيد ابن التاسعة في هذه الزرقة العريضة ؟
وفي جزيرة فرسان فتحت عيني على صياد سمك اسمه ” أحمد العويني ” ، التهم سمك القرش ذراعًا له ، وأبقى له ذراعًا ، ومع هذا لم يستسلم لما حَلَّ به ، وظلَّ متشبثًا بالحياة بعنادٍ فروسيٍّ مذهل ، يذهب إلى البحر كل صباح ، يصيد السمك ويجذف ويدفع قاربه إلى الشط حين الإياب وينجز مشاغلَ البحرِ كلَّها بيدٍ واحدة .. مِنْ هذا الصيادِ العنيدِ تعلمتُ معنى أن يكون الرجلُ رجلًا ، لا ينحني للعواصف ولا يدع نفسه مطية للخذلان) .