عندما انقضَّ فيروس كورونا على العالم وأصاب النظام الصحي في دول (عظمى) بالشَّلل التَّام، وحتى اليوم لم يقف العالم على حقيقة واضحة عن هذا الفيروس وطريقة علاجه واللِّقاح ضدَّه… إلخ.
أقول، عندما احتار الذين يصنفون أنفسهم بـ (الكبار) في طريقة مكافحة هذا الفيروس، واجهت السعودية الأمر بثقة لا تتزعزع في ربِّ العالمين، لأنها دولة رسالة، فتحمَّلت مسؤولية كل من يستمتع بالعيش الكريم على ثراها الطاهر. وقد سبق الحديث عن هذا الأمر في أكثر من مقال، ولا حاجة لإعادته هنا.
ولأن السعودية فعلاً دولة رسالة، غايتها العظمى وهدفها الأسمى خدمة الإنسان والمحافظة على حياته وتحقيق أمنه واستقراره، وتوفير سبل العيش الكريم له، اضطرت هذا العام لاقتصار الحج على من يرغب من مواطنيها والمقيمين فيها من شتى دول العالم الإسلامي، لأداء الفريضة وهم مطمئنون لعون الله سبحانه وتعالى، ثم لاستعداد الدولة السعودية للتدخل السريع في أي وقت يحتاج فيه الحجاج إلى رعاية ضرورية.
وفي تقديري ان المملكة تقوم بهذا الأمر لمجموعة من الأسباب الجوهرية، أهمها: الحرص على عدم تعطيل شعائر الحج، إضافة للمحافظة على حياة الحجاج، فالثابت الوحيد تقريباً فيما يتعلق بهذا الفيروس حتى اليوم، هو أن الاختلاط يُعَدُّ اخطر وسيلة لنقل المرض من شخص لآخر. وصحيح أن الدولة السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي اعتمدت مفهوم طب الحشود، وطبَّقته بأعلى المعايير بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء، لكن الظرف اليوم غير عادي، ولهذا لا تريد الدولة للأمور أن تخرج عن السيطرة.
وأهم من هذا وذاك، امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى، الذي يُحِبُّ أن تُؤْتَى رُخَصُه كما يكره أن تُؤْتَى معصيته. وعلى كل حال، يمكن القول إجمالاً إن السعودية لم تلجأ لاتخاذ هذا القرار الصعب إلا طاعة لأمر الله سبحانه وتعالى، الذي أمر بالمحافظة على حياة الإنسان في أكثر من موضع في كتابه الكريم، إضافة إلى ما جاء في السُّنَّة الشريفة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فكلنا يدرك أن ديننا أكد على أن من قتل نفساً ظلماً كأنما قتل الناس جميعاً، وبالمقابل جعل من أحياها كمن أحيا الناس جميعاً، لعظمة المخلوق عند الخالق عزَّ و جلَّ. فالحمد لله الذي رضي لهذه الأُمَّة اليسر، وكره لها العسر.. والحمد لله المنعم الوهاب وحده، الذي بفضله وكرمه ورعايته وعنايته لنا نصبح كل يوم معافين في جسدنا، آمنين في سربنا، عندنا قوت يومنا.. وعلى الدنيا العَفَاء. ثم الشكر من بعد لقيادتنا الرشيدة التي لم تدخر وسعاً لكي تظل قافلتنا سائرة تحمل الخير وتنشر النور للعالم أجمع، ولتظل رايتنا عالية خفَّاقة بإذن الله على الأبد.