اجتماعية مقالات الكتاب

دور المكتبات العامة في النهوض بثقافة المجتمع

من المبادرات الثقافية الخلاقة تلك التي أطلقها مؤخراً صاحب السمو الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة المكتبات، والخاصة بتطوير المكتبات العامة التي ستضطلع بإدارتها هيئة المكتبات وتعمل عبرها على تحويل المكتبات العامة إلى منصات ثقافية وفق مفهوم اجتماعي شامل وحديث بحيث تلتقي فيه أنماط الإبداع الثقافي كافة ويجد فيه الأفراد من مختلف شرائح المجتمع فرصة للمعرفة والمشاركة والتفاعل في تجربة ثقافية متكاملة.

إن المكتبات العامة تعتبر عنصراً رئيسياً وفاعلاً لصياغة ثقافة المجتمع من خلال ما تتيحه للأفراد من فرص التواصل وتعلم المهارات الخاصة باكتساب المعرفة والبحث عن الحقائق والتفاكر وتبادل الآراء وتوفير الفرص للفرد من أجل التعلم الذاتي الكفيل بتحويله إلى فرد مبدع ملم بكافة قضايا مجتمعه ومحيطه، وهو الأمر الذي يتمخض عنه ثقافة مجتمعية رفيعة، كذلك فإن المكتبات تعتبر وسيلة ضامنة لحفظ الإرث الثقافي الخاص بكل مجتمع والذي يشكل عنصراً رئيسياً لا غنى عن الثقافة عنه.

إن هنالك أدوراً كبيرة ومهمة تقع على عاتق المجتمع في تنمية المكتبات العامة وجعلها في متناول أفراد المجتمع بالجاهزية المطلوبة لتحقق الفوائد الثقافية المرجوة منها، وفي هذا السياق فإن هنالك مهام وأدواراً منوطة بمراكز الأحياء في تأسيس وتجهيز المكتبات العامة داخل كل حي كمكتبة عامة لسكانه الذين يمكنهم المساهمة في هذا الجانب من خلال وقف بعض الكتب الخاصة بهم في مكتبة الحي بغية استفادة الجميع منها. ويمكن الشروع في تنفيذ هذه الفكرة بمكتبة الملك فهد العامة بجدة، حيث يمكن عرض الكتب الموقوفة داخل أرفف كاملة أو جدار أو حتى غرفة باسم الأشخاص الذين أوقفوها بحيث تضم كل كتبهم حتى تكون متاحة للجميع لقراءتها. كما يمكن استنباط آلية مثلى لنشر الكتاب المنطوق حتى يستطيع ذوي الإعاقة لا سيما المكفوفين قراءة تلك الكتب والاستفادة منها من خلال السماع، كما يمكن لدور النشر المختلفة أن تودع ما تطبعه من كتب في تلك المكتبات العامة.

وهنالك جانب مهم في رسالة المكتبة العامة وسط مجتمعها، ويتمثل في اكتشاف أصحاب المواهب المختلفة من تصوير ورسم وموسيقى وغيره وإبراز تلك المواهب في المكتبة العامة من خلال وضع آلية تجذب وتدفع الموهوبين للتسابق لإبراز مواهبهم في تلك المكتبات، وبدورهم يقوم أولئك الموهوبون بتنمية أفراد المجتمع الآخرين من خلال تدريسهم وتدريبهم على تلك المواهب، وعرض مواهبهم في تلك المكتبات.

ولا غرو فإن كل تلك الجهود المقدرة لتعميم المكتبات العامة تهدف إلى جعل الثقافة نمط حياة المجتمع بما يسهم في خلق الفرد الذي يتمتع بإلمام معرفي ثقافي ليكون رافداً مع جهود الآخرين في تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة.
باحثة وكاتبة سعودية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *