البلاد – رضا سلامة
رحب عراقيون بفرض هيبة الدولة بوجه الميليشيات الموالية لإيران، معلنين تأييدهم للحملة الأمنية ضد مقرات عناصرها، ليل الجمعة، حال تجهيزهم للعدوان على سيادة وهيبة البلاد عبر استهداف مقرات حكومية وسفارات أجنبية.
وانتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس السبت، يظهر جمهرة من الشبان فرحين بحملة الاعتقالات التي نفذتها قوة من جهاز مكافحة الإرهاب، حين داهمت مقرًا لكتائب حزب الله العراقي الموالي لإيران، واعتقلت 14 عنصرًا، على خلفية الهجمات الصاروخية ضد مصالح عراقية وأجنبية في البلاد، في سابقة من نوعها منذ بدء تلك الهجمات قبل ثمانية أشهر.
وردد المتظاهرون في الفيديو عبارات تؤكد أن ميليشيا حزب الله لم تستطع الرد على حملة جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، قائلين باللهجة العراقية: “حزب الله طلع بوخة”، أي لا حول له ولا قوة.
وفي المقابل، واجهت الميليشيات الإيرانية تحرك أجهزة الأمن العراقية لفرض القانون وحفظ سيادة الدولة بالتهديد والوعيد، ولوح زعيم ميليشيا العصائب، قيس الخزعلي، بالفوضى ردًا على اعتقال عناصر من ميليشيا حزب الله العراقي، واعترف الخزعلي بهجمات الميليشيات، مبررًا بأن عمليات القصف التي تمت في العراق كانت تستهدف الأمريكيين، مهددًا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بألا يقف ضد الحشد، وقال “لا رئيس الوزراء ولا غيره يستطيع الوقوف بوجه أبناء الحشد”، واصفًا الحكومة الحالية بالمؤقتة، التي يقتصر عملها على “إجراء انتخابات مبكرة وعبور التحديات الاقتصادية”، متغافلًا عن أن حفظ السيادة والأمن تأتي على رأس أولويات أي سلطة تنفيذية في أي بلد، سواء كانت مؤقتة أم دائمة.
إلى ذلك، أفاد مصدر أمني بأن مداهمة مقر حزب الله كشفت معملًا لصناعة الصواريخ، بإشراف خبير إيراني، وأن من بين المعتقلين الـ 14 التي أعلنت عنهم قيادة العمليات المشتركة 3 إيرانيين يشاركون ضمن ما يعرف بخلايا الكاتيوشا، التي قصفت سابقًا المنطقة الخضراء ومحيط السفارة الأمريكية ونصب الجندي المجهول، وقبلها مقر مكافحة الإرهاب قرب مطار بغداد.
ولفت إلى أن الكاظمي تابع عملية التوقيف وأنهى كل فصول النقاش الذي دار بينه وبين الميليشيات الموالية لإيران، مؤكدًا أن الكاظمي كان واضحًا في تصريحاته السابقة، إذ وجه تحذيرًا من أجل إيقاف عمليات إطلاق الكاتيوشا، كما اعتبر بشكل صريح أن من يقصف شعبه سيعامل كإرهابي، ومع ذلك استمرت الميليشيات الإيرانية الخارجة على القانون بأعمالها، وكانت تنوي قصف مطار بغداد الدولي قبل مداهمتها بساعات قليلة.
وأوضح مصدر الأمني أن رئيس الحكومة قيد منذ تعيينه قبضة ميليشيا حزب الله على المطار، من خلال شركة أمنية تابعة للميليشيا فرضها رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي بعد مقتل قاسم سليماني، منوهًا إلى أن ميليشيا حزب الله حاولت ضرب المطار بغية إرضاء إيران من جهة، وحماية مشروع السيطرة على مطار بغداد وحركة الشحن الجوي فيه، والضغط على القوات الأمريكية.
ورأى رعد هاشم المحلل الاستراتيجي العراقي أن حكومة الكاظمي بدأت تأخذ منحى جديدًا بالتعامل مع الميليشيات الإيرانية الخارجة عن سيطرتها بتصنيفها اجرامية وخارجة عن القانون، مع إصرار واضح على نيتها الاقتصاص ممن يكرر الفعلة، معتبرًا أن مرحلة حاسمة بدأت بتثبيت ركائز وأسس الدولة وإعادتها إلى جادة الصواب بعد أن اختطفتها الميليشيات المتفلتة.
وأكد أن مداهمة مقر ميليشيا حزب الله ستمهد لحل تدريجي ممنهج لهيكلة فصائل الحشد الشعبي، وفرز المجموعات التي لا تأتمر بأمر الدولة وتوالي “الخارج”، بما يفسح المجال واسعا أمام تنفيذ عملي لحصر السلاح بيد الدولة، حيث أزالت تلك المداهمة آخر خط من الخطوط الحمراء التي كانت تتبجح بها هذه الميليشيات التي تعتبر نفسها فوق القانون.