متابعات

أرشفة المناهج القديمة إرث تاريخي للأجيال

مكة المكرمة – أحمد الأحمدي

دعا عدد من الأكاديميين والتربويين ورجال التعليم والمهتمين بالتاريخ بأهمية المحافظة على المناهج والمقررات الدراسية القديمة والتي وضعت في بداية تأسيس التعليم في المملكة لأنها تعتبر جزءاً مهما من تاريخ المملكة التعليمي. وقالوا في أحاديث لـ”البلاد” إن هذه المناهج والمقررات الدراسية القديمة كانت دسمة جدا في محتوياتها وخرجت اجيالا تعليمية وتربوية رائدة اسهمت اسهاما كبيرا في بداية النهضة التعليمية للمملكة من خلال تلك المناهج التي وسعت مدارك الطلاب وفتحت امامهم ابواب العلم والمعرفة وبينوا ان وزارة الثقافة لا شك لديها اهتمام بالغ بتاريخ التعليم ورجاله ومؤسسيه من الرواد الاوائل.

في البداية تحدث الدكتور عادل محمد نور غباشي وكيل جامعة ام القرى سابقا فقال موضوع المناهج من اهم الأسس في التربية والتعليم لبناء الأجيال التي يعتمد عليها بعد توفيق الله للنهوض بالأوطان وقيادة مؤسساتها المختلفة والحمد والشكر لله بناء المناهج العلمية في بلادنا الحبيبة اخذ حقه من الرعاية والاهتمام من ولاة الأمر ولا ننسى ان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله كان أول وزير للمعارف في المملكة العربية السعودية ، وطبيعي ان تأخذ المناهج حقها من الاهتمام ويتولى اعدادها نخبة من العلماء الأعلام في تخصصات مختلفة ، وكانت ثمارها خيرا على رقي البلاد وتطورها الحضاري.

من جانبه اوضح الدكتور محمد حسين الحارثي مشرف تربوي متقاعد بتعليم مكة المكرمة بقوله تعد المناهج والمقررات الدراسية من أهم مكونات النظام التعليمي باعتبارها الوسيلة والعمود الفقري الذي يحقق أهداف المجتمع داخل وخارج المؤسسات التربوية.
فالمقررات الدراسية عبارة عن إطار مرجعي يتضمن محتوى المعرفة الاجتماعية والظواهر الطبيعية والبشرية والمهارات والاتجاهات والقيم ومهارات العمل والبحث والاستقصاء والتحليل بما في ذلك قدرتها على حل المشكلات المعاصرة كالبطالة وغيرها.

ثراء معرفي
في نفس السياق قال الدكتور فهد بن عتيق المالكي عضو هيئة التدريس بجامعة ام القرى والمشرف العام على ادارة متحف الجامعة والمشرف على فرع الجمعية التاريخية السعودية بمنطقة مكة المكرمة تعتبر المناهج في أية منظومة تعليمة الركن الأساسي في المخرج النهائي الذي يعد الطالب لخوض معترك الحياة بعد الخروج من مقاعد الدراسة إلى ميادين المجتمع ليكون قادراً على مواجهة شؤونه الداخلية والخارجية ولبنة عطاء في وطنه يسهم بفضل المكتسبات التي تزود بها لرفعة بلادة وأمته.

خطط التنمية
من جانبه أوضح الدكتور محمد بن مريسي الحارثي احد عمداء الكليات في جامعة ام القرى سابقا أن التطوير والتحديث لمناهج التعليم لا يقف عند زمن دون زمن بل هو حركة مستمرة تصحح المسارات وتنمي الأخرى وتحقق النتائج التي يتطلع إليها المهتم بالمنهج التعليمي ، من حيث اعداد المهنيين التعليميين إعداداً تربوياً ، وتنقية الكتاب التعليمي وتنويع التخصص واستثمار الآلة الحديثة لاستثمار ذلك كله في استقرار منظومة التعليم القادرة على تشكيل المتعلم الناجح القادر على ممارسة مخرجات التعليم كما رسمتها خطط المناهج والامكانات المتاحة لسيرورة التعليم المحقق لأهداف الدولة ، والمجتمع ، والعلم.

والنَّاس أشبه بالعصور التي يعيشونها؛ فلكل مرحلة من مراحل الحياة متطلباتها التي ينبغي ان تحقق خططها وأن يكون ذلك وفق خطط استراتيجية قابلة للتطبيق ناجحة في التصورات محققة للهيكل المجتمعي الباحث عن حياة الاستقرار والثبات على حق.

متطلبات التربية
يري فهد بن صالح الخزاعي عضو الهيئة التعليمية بالإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة أن المناهج خضعت لكثير من المتغيرات منذ انشاء مديرية المعارف وذلك تبعا لحاجة التعليم وتطوره وتبعا لمتطلبات التربية وقتها اي منذ ٧٠ عاما وكانت دسمة جدا في محتواها.
لا شك ان الحفاظ عليها بات ضروريا جدا كي تدرك الاجيال تاريخ التعليم وتكون مقصدا للباحثين عن تاريخ التعليم بالمملكة. وتعتبر وثيقة مهمة جدا وعلى المتاحف الحكومية اقتناؤها وحفظها ووزارة الثقافة لديها اهتمام بتاريخ التعليم ورجاله من الرواد الاوائل.

جيل التأسيس
الدكتور عبد الله بن ابراهيم الزهراني عضو هيئة التدريس بجامعة ام القرى كلية اللغة العربية قال من المؤكد أن جيل التأسيس لهذه الدولة كان يملك رؤية استشرافية لما تتطلبه مرحلة بناء الدولة من كوادر وطنية تسهم بعمق تفكيرها في بناء هذا الصرح الشامخ ولذا كان لديهم الوعي لما ينبغي أن يكون، ففي المراحل الأولية كان الأمر يستعدي القضاء على الأمية بكل وسيلة ممكنة ونجح في وضع مناهج مناسبة لتلك المرحلة ومن ثم وضعت استراتيجيات واضحة لما يراد وجل الجيل الذي مسك زمام التعليم قبل ربع قرن كان جيلا مبنيا بناء دينيا ووطنيا لديه الهمة في ترسية المعرفة المتكاملة لهذا الوطن ومن ثم ما إن أتت الآليات المعرفية وانفجار التقنية حتى كان هذا الجيل قد بنى كوادر قادرة وواعية لما تحتاجه الدولة، ومن الملحوظ أن أكثر الكوادر التعليمية التي تأسس عليها التعليم في كافة مراحله كانت تملك الحس الوطني الذي يملي عليها أن تبني أمة مستوعبة لواقعها متطلعة لمستقبلها ولذا ينبغي الحرص على رصد جهد ذلك الجيل كتابا واعلاما وفاء لحق الوطن وبناته.
لا شك أن المحافظة عليها مطلب، وطني وتاريخي فما كان مواكبا للعصر يفترض بقاؤه وما كان غير ذلك فيأتي البقاء عليه من جهة متاحف التعليم باعتباره شاهدا على التطور التعليمي كيف كان وكيف أصبح.

علامات بارزة
وقال الدكتور هاشم بن احمد الصمداني عميد القبول والتسجيل السابق بجامعة ام القرى، وعضو هيئة التدريس حاليا بكلية التربية بالجامعة، التجارب الرائدة وبرغم شح الموارد والإمكانات المادية وربما البشرية الا أنها تظل علامات بارزة ومحطات مضيئة في تاريخ الأمم. وهذا ينطبق على تجربة تطوير المناهج الرائدة في بلادنا الغالية والتي تمت بتخطيط ومتابعة دائمة من القيادة الرشيدة.

 

شخصية المعلم
ويقول الدكتور فائز البدراني من وجهة نظري ان قوة طلاب السابق لا تعود للمناهج بل تستغرب لو قلت لك إنه ليس لديهم مناهج بالمعنى الذي نعرفه الآن، فقد ركزنا على المناهج وأهملنا شخصية المعلم.
عندما درست في الابتدائية لم نكن نسمع كثيراً بشيء اسمه المنهج، ولكن نسمع بالكتاب المقرر وضرورة دراسته وإنهائه بإتقان قبل نهاية العام. وكان الأساتذة يحثوننا على العلم والقراءة الخارجية، ويتابعوننا داخل المدرسة وخارجها وكأننا أولادهم. اليوم أغلب المعلمين لا تبرأ بهم الذمة، يأتي بلا علم، ولا حماس، يقول لطلابه، هذا هو المقرر عليكم اقرؤوا وحلوا الأسئلة، بينما يقبع هو على كرسيه منكبا على جواله، ولا يحثهم على القراءة الخارجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *