الخرطوم – هيثم كابو
لم يكن مثول علي محمد علي عبد الرحمن (كوشيب) أمام المحكمة الجنائية الدولية في أولى جلسات محاكمته أمس الأول بلاهاي يمثل مهددا فقط للقائد الميداني المتهم بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور، غربي السودان، قبل نحو عقدين من الزمان، فالأعين التي ظلت مشدودة مع وقائع الجلسة الإجرائية كانت نظراتها الثاقبة تتجاوز كوشيب الذي سلّم نفسه طوعا في ٩ يونيو الجاري لقوات الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى، وتتجه نحو تنظيم الإخوان الذي تلقى صفعة ساخنة ببدء المحاكمة، بعد سنوات من التحدي الدائم للمحكمة الجنائية الدولية في ظل التهديدات التي ظل يكررها التنظيم طيلة فترة حكم الرئيس المخلوع عمر البشير المطلوب أيضا في لاهاي بتهم ارتكاب جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية.
وأضحت أوراق الجرائم المرتكبة في دارفور على طاولة المحكمة الجنائية، بعد مثول كوشيب أمامها مدافعا عن نفسه ونافيا التهم الموجهة إليه في الجلسة الأولى، غير أن الوقائع تشير إلى تورطه، وآخرين في جرائم حرب في غرب السودان، من بينهم الرئيس المخلوع عمر البشير، الذي لم تنفِ مصادر رسمية مطلعة التي استطلعتها “البلاد” سيره على خطى كوشيب وصولا إلى الوقوف أمام المحكمة الجنائية الدولية طالما أن الأمر يحقق العدالة أولا؛ ويمثل ثانيا أحد مطالب الحركات المسلحة في دارفور التي اتفقت مع الحكومة السودانية على تسليم كافة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية.
وكان المتحدث باسم مجلس السيادة الانتقالي في السودان محمد الفكي سليمان أعلن في وقت سابق عن التوافق بين الحكومة والحركات المسلحة في دارفور على تسليم كل من صدرت بحقهم أوامر اعتقال بتهمة جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية للمحكمة الجنائية الدولية ، التي أصدرت في مايو2007 مذكرات اعتقال بحق كوشيب، ووزير الدولة السوداني للشؤون الإنسانية آنذاك أحمد هارون، وأخرى في مارس 2009، لاعتقال البشير بالتهم ذاتها، مع مذكرة اعتقال أخرى صدرت في يوليو 2010 بحق الرئيس المخلوع بتهمة الإبادة، ليصبح أول رئيس دولة تصدر المحكمة مذكرة توقيف بحقه خلال فترة ممارسته لمهامه، وذلك منذ تأسيسها في العام 2002.
وأتفق كل من أستاذ العلوم السياسية الدكتور محمد الفاتح عوض، والكاتب الصحافي محمد عبد الماجد في حديثهما لـ”البلاد”، على أن تسليم البشير للمحكمة الجنائية بات أمرا لا بد منه، وأن القضية برمتها أضحت “مسألة وقت”، مؤكدين أن التسليم سيلقي بظلاله على التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وأذرعه في العديد من الدول، لأن مثول البشير أمام المحكمة الجنائية يمثل ضربة قاضية للإخوان، ويكشف تحركاتهم التى تتستر بالإسلام، وتشوه صورته، وتزعم أنها تسعى لإشاعة العدل؛ بينما تجاربهم في الحكم تبدأ بالإتجار بالدين، مرورا بالسعي لخداع الناس، ثم السيطرة عليهم ونهب ثرواتهم، وصولا لإطلاق يد البطش والإبادة حتى ينتهي الأمر بقادتهم بالمثول أمام المحاكم الجنائية الدولية لإتهامهم بارتكاب جرائم حرب وقتل واغتصاب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.