البلاد – رضا سلامة
دخلت تركيا مبكرا على خط تأزيم الوضع في ليبيا وإفشال المبادرة المصرية للتهدئة، إذ أكد مستشار الرئيس أردوغان، ياسين أقطاي، مواصلة الدعم التركي لميليشيات الوفاق في حربها ضد الجيش الوطني الليبي، الساعي لاستعادة الدولة وتحريرها من فوضى السلاح والميليشيات، مشجعا مليشيات الوفاق على مزيد من الدمار والخراب في ليبيا عبر دعمها بالمرتزقة والسلاح.
ويأتي الموقف التركي بعد وقت وجيز من إطلاق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ” إعلان القاهرة” لإنهاء الأزمة الليبية، عبر وقف إطلاق النار وتفعيل المحادثات العسكرية الليبية 5+ 5 برعاية أممية والبدء بأخرى سياسية، بالتوازي مع إعلان دستوري يمهد الطريق لتسوية دائمة، تعتمد على تقاسم السلطة والثروة بين إقاليم ليبيا الثلاثة وإجراء انتخابات نزيهة رئاسية وبرلمانية ومحلية، في محاولة تركية لإفشال المبادرة المصرية التي حظيت بترحيب وتأييد أممي ودولي وعربي.
وعلى الرغم من ترحيب البرلمان والجيش الليبيين بالمبادرة المصرية، إلا أن حكومة الوفاق ترفض التهدئة، حيث هاجمت مدينة سرت على مرحلتين مدعومة بالطيران المُسير التركي، فيما تمكن الجيش الوطني من صد المهاجمين، وقتل وأسرت أعدادا كبيرة من المرتزقة والمليشيات، معلنا أمس (الأحد)، إرسال تعزيزات عسكرية من برقة وبنغازي إلى سرت للتصدي لهجمات مليشيات الوفاق التي تقودها تركيا، بعد غارات جوية لطيران الجيش الوطني أجبرت القوات المهاجمة على التراجع عن سرت بنحو 30 كيلومترا، وفقا للمتحدث باسم الجيش اللواء أحمد المسماري، الذي بين أن قوات الجيش شنت هجوما مضادا على قوات الوفاق وأحرزت تقدما في منطقة الهيشة شرق مصراتة.
في السياق ذاته، أكد تقرير فرنسي نشرته صحيفة “لوموند”، أن أطماع أردوغان في السيطرة على الغاز الليبي هو السبب الحقيقي لتدخله في ليبيا ودعم مليشيات الوفاق. وبينت الصحيفة الفرنسية أن الغاز الليبي هو الهدف الحقيقي للجيش التركي من احتلال ليبيا.
ولفتت إلى أن أردوغان يخطط لتعويض دعمه للسراج عسكريا وماليا، بالاستيلاء على ثروة الطاقة وهي العنصر الرئيسي للغزو التركي لليبيا، مشيرة إلى أن أنقرة صعدت الدعم العسكري لمرتزقة الوفاق منذ ديسمبر الماضي، بعد توقيع اتفاق تعاون عسكري مع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع حكومة طرابلس للاستيلاء على ثروات المتوسط.
وأضافت أنه ومن خلال هذا الاتفاق، تتولى تركيا حقوق التنقيب عن النفط في شرق البحر المتوسط، وهو مشروع أدانته اليونان وقبرص ومصر والإمارات وفرنسا واعتبرته غير قانوني، وتابعت بأن لقاء السراج قبل يومين بأردوغان في أنقرة، كان على ما يبدو يريد طمأنته بالوفاء بوعده بسيطرة تركيا على الثروات الليبية، بينما أراد أردوغان التأكيد على السراج بأهمية التعاون في مجال الطاقة، بموجب الاتفاقية البحرية الموقعة بينهما في نوفمبر الماضي.
وحذرت “لوموند” من أن تركيا ستقوم بأنشطة حفر جديدة في مناطق شرق البحر المتوسط خلال الأسابيع المقبلة، مما سيصعد التوترات مع جيران ليبيا، خاصة اليونان مصر، منبهة إلى إعلان الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة لمثل هذه الخطوات، ما يعني إمكانية الانزلاق إلى صدام مباشر بين تركيا وأكثر من دولة بمنطقة شرق المتوسط.