اجتماعية مقالات الكتاب

تجاوز اللحظة وفكر بالزمن

كثيرا ما نتمنى اللحظات السعيدة والانغماس فيها والتمني بعدم الخروج منها. ولكن بعد التأمل لمن عاش أو جرب يكتشف عادة ان هناك (زمنا ) صعبا يأتي( قبل )هذه اللحظة الجميلة او(بعدها)! !!!

كلنا نتذكر حضور خطوبة أو ملكة عائلية لأحد الإخوان أو الأخوات ولحظات (دخول الدبل في الاصابع )والتصفيق الحار وتقطيع الكيكه (والزغرطه )من الأمهات . فتحبس هذه الأجواء في الذاكرة ونتمنى أن نعيش ونخوض هذه التجربة في المستقبل القريب. ولكن ما يخفى علينا أن هناك زمنا طويلا أمام العروسين مليئ بالتحديات والعقبات التي قد لا تنتهي إلا في المحاكم .وتتحول الأصابع التي كانت تحمل الدبل إلى أداة فعالة (لنتيف شعر الرأس ) بين الطرفين.
بكل حرقة ذكرت المثال السابق ولكنه واقعي.

وهذا مثال آخر..
لي صديق يعمل في مجال التسويق العقاري يخبرني عن حيلة اهتدوا اليها نجحت بشكل كبير في بيع الفلل على العملاء. وهي بناء مسبح داخل كل فيلا..وتزيينه بالاضاءات. .فإذا دخل أفراد العائة إلى الفيلا المعروضة للبيع تخيلت العائلة اجتماعهم حول المسبح والأطفال من حولهم قد تعلقت قلوبهم بهذا المنزل. .فتتم البيعة بشكل سريع. مع العلم أن أغلب الأسر السعودية ينتهي بهم الحال إلى إهماله أو ردمه لكثرة تكاليف الصيانة.أو تحت تأثير حالة غرق لا قدر الله………. إذن “هم يبيعونك لحظة وانت تشتري منهم زمنا.

الصعود لمنصات التتويج حلم ولحظات تراود الجميع. فالرياضي مثلا حينما يتوج بطلا في الأولمبياد ويرتفع علم بلاده فوق كل الأمم ويعزف النشيد الوطني لدولته. تعتبر لحظة جميلة. .ولكن قبلها كان هناك زمن طويل من التحضير البدني والتمارين اليومية الشاقة..تخيل فقط في سباق ال 100متر انك تستعد وتتمرن لمدة أربع سنوات من أجل 10 ثوانِ فقط وهي مدة السباق !!!وقد تفوز وقد تخسر.

إذن التتويج( لحظة)والاستعداد له ( زمن ).
إشعال السيجارة بين الزملاء والتباهي بها لحظة ونشوة مؤقتة ..يعقبها مدة بعيدة من (الكحه والبلغم وأمراض الصدر ) وقد تصل أحيانا إلى أمراض مميتة.

تناول الطعام المشبع بالدهون هو (لحظات مضغ ممتعة)يعقبها (زمن) من الجري والهرولة خلف عيادات السمنة وتطبيقات الرجيم.
واختم بهذا المثال
الآن في زمن( جائحة كرونا) التجمعات العائلية هي لحظات من المتعة يعقبها أسابيع من العزل والتباعد الإجباري .لا قدر الله. ..
ليس مقالا تشاؤميا …بل محاولة لتوضيح أن الزمن شيء (دائم ) واللحظة شي (مؤقت )
تفكيرك وتركيزك على الدائم يجعل اللحظات الجميلة تتكاثر وتتراكم في حياتك..وبعد مماتك
أليست الدنيا هي( لحظة) بالنسبة إلى( زمن) الاخرة…إلى اللقاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *