الدولية

“حزب الله” يعرقل خروج لبنان من أزماته

البلاد – مها العواودة

اعتبرت دراسة أعدها “مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الجيو-سياسي للدراسات الاستراتيجية”، أنه ليس من قبيل الصدفة أن يترافق إقرار الحكومة اللبنانية خطة للإنقاذ الاقتصادي والإصلاح مع عناوين مماثلة رفعها النظام السوري المتحالف مع إيران لإحكام قبضته مباشرة على الموارد المالية في سوريا بعد عزل وكلائه الذين سبق أن شكلوا أذرعه المالية، ومع فضائح مالية تجتاح العراق وتشمل سياسيين ورجال أعمال ومصرفيين يشكلون غطاء لتمويل الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني.

ويبدو أن هذه المقاربة تتقاطع مع المقاربات السياسية والاقتصادية لشريحة واسعة من السياسيين وقادة الرأي في لبنان الذين يعتبرون أن الخطة تهدف في مكان ما إلى “استغلال الأزمة الاقتصادية والضيقة الاجتماعية لتمرير مشروع سياسي ينسف أسس النظام اللبناني ومرتكزاته، ويلحق لبنان بمنظومة إيران الإقليمية في مواجهة العرب والعالم الحر”.

وفي هذا الإطار، قال منسق “التجمع من أجل السيادة” في لبنان نوفل ضو، إن حكومة “حزب الله” التي يرفضها اللبنانيون لم تؤمن لخطتها التوافق السياسي الداخلي، الذي يعتبر شرطا أساسيا لتأمين البيئة المطلوبة لأي إصلاح اقتصادي ومالي ونقدي واجتماعي. وأضاف لـ “البلاد” أن الحكومة تفتقد إلى الثقة الشعبية التي يفترض أن تؤمن الغطاء لخطتها، فاللبنانيون يستمرون في التظاهر والمطالبة بانتخابات نيابية مبكرة تعيد إنتاج سلطتين تشريعية وتنفيذية تحظيان بثقة الشعب ودعمه، مؤكدا غياب الإشارة لـ”الإصلاحات السياسية” في الخطة التي طرحت، أو إلى تصحيح في التموضع الجيو – سياسي للدولة اللبنانية، من خلال سياسة خارجية تلبي شروط المجتمعين العربي والدولي لناحية النأي بالنفس وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة ببسط الدولة اللبنانية سيادتها على كل أراضيها بقواها الشرعية الذاتية.

ويرى ضو أن “الحكومة تمضي عكس السير العربي والدولي، فالولايات المتحدة الأمريكية ومعها قسم من دول الاتحاد الأوروبي، ومعظم الدول العربية الفاعلة، يركزون جهودهم على خنق إيران ومنظوماتها الإقليمية ماليا واقتصاديا لإضعافها عسكريا وسياسيا، وشل قدراتها على تهديد دول المنطقة وزعزعة استقرارها، وإعادتها إلى داخل حدودها، وتغيير سلوكياتها العدائية والتوسعية في محيطها، أما الحكومة اللبنانية فتحاول الالتفاف على هذه المعطيات والتوجهات المعلنة من خلال تجاهلها، والتصرف على قاعدة الطلب من المجتمعين العربي والدولي تمويل خطة لا تتضمن أي تدبير يحجّم حزب الله ودوره، ويسحب الغطاء السياسي عن الأداء الداخلي والإقليمي والدولي لهذا الحزب في خدمة الاستراتيجية الإيرانية والمساهمة في تنفيذها”.

واعتبر أن حكومة دياب قفزت فوق التدابير الضامنة لبيئة سياسية محلية واقليمية ودولية ملائمة للإنقاذ الاقتصادي، حيث تجاهلت المشكلة السيادية التي يعاني منها لبنان، متسائلاً: كيف لأي حكومة لا تمسك بقرار السلم والحرب، ولا تبسط سيادتها على قراراتها ومؤسساتها واراضيها، ولا تطبق قانونا واحدا على جميع المقيمين على أراضيها، أن تكون الضامن للمستثمرين الداخليين والخارجيين، ولدورة اقتصادية سليمة يحميها الأمن والاستقرار والقانون، ولمسار تنموي مستدام؟ وما هي الضمانات بألا تدمر الخطوات والتدابير الاقتصادية الجديدة، حرب جديدة تنشب بقرار إيراني لا دور للحكومة فيه، ولا تعرف به مسبقاً؟”.

وأكد نوفل ضو أن لبنان يحتاج مشروعاً مماثلاً لـ”مشروع مارشال في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية” بخلفياته وأبعاده وأهدافه وتمويله، للخروج من الأزمة التي يعاني منها، لكن “حزب الله” الموالي لإيران يقف حجر عثرة في سبيل ذلك، لأن الأمر يتطلب العودة إلى تموضع لبنان التاريخي عربياً ودوليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *