البلاد – مها العواودة
ثمة أسئلة تسطع في ذاكرة عشاق السفر وخبراء السياحة عن سيناريوهات السياحة بعد رحيل جائحة كورونا من العالم وهل سيتم وضع ” روشتات” للمسافرين وكيف يمكن النهوض بهذا القطاع الحيوي.
“البلاد ” التقت بعدد من الخبراء في مجال السياحة فأكدوا أن الجائحة العالمية قطعا سوف تؤثر على قطاع السياحة وتفرض قيودا غير مسبوقة لافتين إلى ضرورة تكاتف القائمين على صناعة السياحة من اجل نفض الغبار عن الموتيلات والقرى السياحية والشواطئ واعتماد برامج جاذبة من أجل القفز فوق الحواجر التي خلفتها كورونا
في البداية تؤكد مستشار كلية السياحة بجامعة الملك عبد العزيز الدكتورة نادية قربان أن كورونا ألقى بظلال قاتمة على قطاع السياحة في مختلف أنحاء العالم، وبناء على ذلك لابد من تضافر جهود القائمين على صناعة السياحة مع منظمة الصحة العالمية وصناع القرار من أجل تجاوز ما خلفته هذه الأزمة العصيبة، وإنقاذ القطاع الذي يخلق نحو 319 مليون فرصة عمل على مستوى العالم، نصيب العالم العربي منها نحو 4 ملايين فرصة، مشيرة إلى أن الاعتماد سيكون بعد الأزمة بشكل أكبر على السياحة الداخلية التي ستشهد انتعاشا غير مسبوق.
مضيفة أن “عائدات السياحة بعد انحسار الجائحة ستنخفض مقارنة بالأعوام السابقة حيث يفضل الكثيرون الانتظار عدة أشهر بعد انتهاء أزمة كورونا قبل حجز رحلاتهم، الأمر الذي يتطلب دعم الانتعاش الاقتصادي لقطاع السياحة”، ولكي تستعيد قطاعات السياحة ثقة الملايين حول العالم وللاستفادة من تداعيات الأزمة ترى عضو المجلس الاستشاري بكلية السياحة في جامعة الملك عبد العزيز ضرورة اتخاذ تدابير وخطوات احترازية، وسن قوانين وتشريعات جديدة لطمأنة المسافرين والسياح، وكذلك تطوير برامج شركات السياحة.
ضوابط جديدة
وتؤكد أن إجراءات السفر جوا وبرا وبحرا ستختلف عن ما كانت عليه قبل الأزمة، حيث سيشهد العالم الكثير من الضوابط والقوانين الجديدة، وإعداد ضوابط أمن وسلامة العاملين والمسافرين، إضافة إلى خلق برامج متكاملة تقدم الحلول، وتستعرض أنظمة وإجراءات دقيقة محددة يتم اعتمادها من قبل المعنيين بالعملية وتطبيقها في جميع عمليات النقل.
وتابعت” جوا قد يتطلب إعادة تأهيل الطائرات وتحديث خدمات المطارات والصيانة والخدمات الأرضية والتموين وإجراءات الركاب ومراكز التفتيش الأمني وعمليات تصعيد الطائرة ومناولة العفش، الأمر الذي يستدعي وجود قنوات تطهير وروبوتات للتنظيف والتعقيم، وكذلك فحص درجة حرارة الجسم في المطارات، وعن الرحلات البحرية ترى ضرورة إعادة تشكيل السفن الجديدة بغرف معيشة أكبر وعدد أقل في الركاب، مع المحافظة على المسافة الامنة بين السياح، وحتى في المطاعم التي لم تعد في منأى عن الإجراءات الوقائية حيث بات تنظيم تباعد الطاولات ووقف الموائد المفتوحة أمرا مهما.
شهادة الخضوع
ترى المرشدة السياحية سميرة باوزير أن سياحة ما بعد الوباء ستكون بشهادة تؤكد خلو السياح والعاملين في القطاع السياحي من فيروس كورونا ومن الأمراض المعدية، ويستلزم إصدار الشهادة الخضوع لاختبار كوفيد 19 قبل السفر أو تنظيم أية رحلة سياحية واستقبال أي وفد سياحي، لضمان خلو السائح والمستقبل من الفيروس.
مؤكدة أن خطوات احترازية جديدة سيتم اتخاذها من قبل وزارات السياحة حول العالم ستضاف على شروط استقبال الوفود السياحية، وأن تطبيق المنشآت السياحية والفندقية للإجراءات الاحترازية والوقائية وفقا للمعايير الدولية المعتمدة من منظمة السياحة العالمية للوقاية والسلامة الصحية للعاملين والسواح سيكون من أبرز سيناريوهات عودة السياحة.
مشيرة في الوقت ذاته إلى أن عدداً كبيراً من المرشدين السياحيين في المملكة خضعوا خلال فترة الحجر المنزلي لتدريبات عن بعد ودورات من أجل تطوير قدراتهم والانطلاق بشكل أقوى بعد انتهاء الأزمة واستئناف الحركة السياحية.
وافقهم الرأي مستشار تطوير الأعمال في المنظمة العربية للسياحة الدكتور أحمد أبو عامر والذي أشار إلى وجود عدة آليات وتوصيات مقترحة للقطاع السياحي والطيران للعمل على سرعة استعادة قوة القطاع السياحي بعد انحسار الجائحة أبرزها قيام الحكومات والقطاعات المعنية باتخاذ وإظهار إجراءات أكثر أمنا، وتغييرات وقائية ملموسة مثل دعم سياسات تخفيض أسعار السفر والتنقل للعمل لتشجيع السائحين والمسافرين، إضافة إلى إعادة تشكيل بعض الطائرات والسفن السياحية الجديدة، والتي لا تزال قيد الإنشاء، بغرف معيشة أكبر، وكثافة أقل للركاب لكي تكون وسيلة لجذب عملاء جدد، واتخاذ إجراءات نحو الحد من خدمة بوفيه الطعام المفتوح للحد من التجمعات والاتجاه أكثر نحو تناول الطعام حسب الطلب لطمأنه السائحين.
لافتاً إلى أهمية وضع احترازات وقائية وزيادة الاهتمام بالنظافة والتعقيم من قبل الجميع سواء أكان ذلك في رحلة بحرية أو إقامة في الفنادق أو بالطيران، فلابد من تغيير طريقة رصد وتنظيف البيئة المحيطة التي يتفاعل معها الضيوف، وسيحتاج المسؤولون إلى إبلاغ الضيوف بهذه التغييرات وعلى ضرورة التعقيم، على أن تكون مرئية لإظهار مدى نظافة المنشآت، سواء كان ذلك من خلال توفير مطهرات اليد في كل مكان أو تطهير الأسطح الصلبة بانتظام، على أن يكون هناك نظام واضح يتم إبلاغه للعملاء.
كما توقع أبو عامر انتعاش السفر بهدف العمل أولاً، ثم يليه السفر الترفيهي المحلي والدولي الذي قد يتأخر قليلا حتى يعود كما كان قبل الأزمة.
منوها إلى ضرورة وضع الحكومات سياسات تمويلية لدعم الاستثمار في القطاع السياحي وضمان استدامة الشركات العاملة به من خلال بعض البرامج التمويلية والاقراضية على أن تكون اجراءات الاقراض بالصندوق أكثر مرونة وسرعة، والحد من الإجراءات التي تطيل الفترة اللازمة لإنجاز القرض، وكذلك فتح المجال لتقديم قروض للقطاع الخاص المتضرر من أزمة فيروس كورونا بشروط ميسرة وأسعار فائدة منخفضة.
وأضاف “على المنظمات العربية ضرورة التعاون مع الجهات التمويلية لإنشاء صندوق عربي للأزمات والحد من الكوارث لتقديم الدعم المالي للدول الاعضاء، وذلك بوضع شروط مؤقتة أكثر مرونة، في ظل الموارد المالية المتاحة لديها، وكذلك تكوين فرق عمل للازمة من مؤسسات العمل العربي المشترك ذات العلاقة ومؤسسات التمويل العربية تكون مهمتها رصد أثر الازمة على القطاع السياحي بالدول العربية، وذلك لإعداد دراسات قطاعية عن أثر الازمة ومن ثم اقتراح السياسات اللازمة، ودعم الخطوط الائتمانية الموجهة لتمويل السياحة العربية البينية”.
تباعد اجتماعي
من جهة أخرى أكدت نائب وزير السياحة والآثار في جمهورية مصر العربية غادة شلبي بدء المرحلة الأولى لاستقبال الزائرين وفتح الشواطئ في الفنادق ووضع الضوابط والاشتراطات لبداية العمل والمختلف عما كان قبل الأزمة حيث التباعد الاجتماعي، والتعقيم والتطهير بشكل دوري أبرز سمات العمل الجديد في كل الفنادق والأماكن والمقاصد السياحية، وذلك طبقاً لتعليمات منظمة الصحة العالمية، وأن تاريخ واشتراطات استقبال السياحة الوافدة لم يتحدد بعد، وهو يعتمد على الاتجاهات في الأسواق المصدرة للسياح، وأيضاً الاشتراطات التي سنقوم بمراجعتها في السائحين حتى لا تصبح السياحة بؤرة نقل الأمراض بين الشعوب.
مضيفة أن على وزارات السياحة ومن خلال دورها الرقابي متابعة الفنادق والمنشآت السياحية متابعة دقيقة وحازمة للتأكد من اتباعها للإجراءات الاحترازية والتي يتم تطبيقها بناء على معايير واشتراطات أقرتها منظمة الصحة العالمية، واعتمدتها منظمة السياحة العالمية، بهدف تحقيق التعافي والعودة التدريجية لاستقبال الزائرين من داخل وخارج البلاد.